زعمت أنه لا يجوز : جلس زيد. [قلت] : هذا محمول على حذف مضاف. وتقديره : ونزل نزول الملائكة ، فحذف ، كما قال الله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(١). [وكما قال الأعشى].
٨٤ ـ ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا |
|
وبتّ كما بات السليم مسهّدا (٢) |
فانتصاب قوله : ليلة أرمدا ، على تقدير : ألم تغتمض عيناك اغتماض ليلة ، فحذف (اغتماضا) ، كحذف نزول. وأقام ليلة مقامه. فليس انتصاب (ليلة) على الظرف ، ب (تغتمض) ، وإنما هو على ما قلنا.
[فإن قلت] : فما وجه قوله تعالى : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) (٣٦) (٣) ف (يُسَبِّحُ) : فعل ما لم يسم فاعله. فما الذي قام مقام الفاعل هاهنا ، وبماذا يرتفع رجال؟.
[قلت] : قوله : يسبّح ، لما ذكر دل على (يسبّحه) [٣٩ / أ] فكأنه لما قال : يسبّح له فيها بالغدو ، والآصال ، قيل : من يسبّحه؟ فقيل : رجال. فاضمر ، لجري ذكره ، أعني ذكر التسبيح. [قال الشاعر] :
٨٥ ـ ليبك يزيد ضارع لخصومة |
|
ومختبط ممّا تطيح الطّوائح (٤) |
كأنه ، لما قال : ليبك يزيد ، قيل : من يبكيه؟ فقال : ضارع لخصومة. أي : يبكيه ضارع لخصومة ، لأنه كان يدفع في الخصومات ، ويحمي أصحابها ، فأمر هذا الشاعر بموته أن يبكيه الخصوم ، إذ لا أحد يحميهم. ثم قال : ومختبط. أي : وليبكه مختبط. أي : سائل للعطايا. وقوله : مما تطيح الطوائح ، أي : مما تطيح المطيحات كقوله : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ)(٥) أي : الملقحات. فجاء هذا بحذف الزوائد ، كما جاء (مسعود) ، ويراد به : مسعد ، فهو من : أسعد. ولا يكون : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا)(٦) دليلا على أن سعد : متعد ، لأنه يجوز أن يكون (سعدوا) : أسعدوا ، فجاء على حذف الزيادة.
__________________
والبحر المحيط ٦ : ٤٩٤.
(١) ١٢ : سورة يوسف ٨٢.
(٢) البيت من الطويل ، في ديوانه ١٣٥ ، وعجزه فيه :
... |
|
وعادك ما عاد السليم المسهدا |
والخصائص ٣ : ٣٢٢ ، وسيرة ابن هشام ٢ : ٢٦ ، وابن يعيش ١٠ : ١٠٢ ، والخزانة ٦ : ١٦٣.
(٣) ٢٤ : سورة النور ٣٦.
(٤) البيت من الطويل ، للبيد ، في ديوانه ٢٢٣ ، وللحارث بن نهيك ، في الكتاب ١ : ٢٢٨ ، ٣٦٦ ، ٣٩٨ ، والتحصيل ٢٢١ ، والخصائص ٢ : ٢ : ٣٥٣ ، وابن يعيش ١ : ٨٠ ، ولنهشل بن حري في الخزانة ١ : ٣٠٣ ، ٣٠٤ ، ٣١٠ ، كما نسب لمزرد أخي الشماخ ، وللحارث بن ضرار النهشلي ، وهو بهذه النسب المختلفة ، وبلا نسبة في : المقتضب ٣ : ٢٨٢ ، والجمل ١ : ٥٣٧ ، والمغني ٢ : ٦٢٠ ، وشفاء العليل ١ : ٤١٥ ، والتاج (طوح) ٦ : ٥٩١.
(٥) ١٥ : سورة الحجر ٢٢.
(٦) ١١ : سورة هود ١٠٨.