[وقال الشاعر] :
١٨٤ ـ لمية ، موحشا ، طلل قديم |
|
... (١) |
[قال أبو الفتح] : والعامل في الحال على ضربين : متصرف وغير متصرف. فاذا كان العامل متصرفا ؛ جاز تقديم الحال. تقول : جاء [٧٤ / أ] زيد راكبا. و : راكبا جاء زيد. و : جاء ، راكبا زيد. كل ذلك جائز ؛ لأن (جاء) متصرف. تقول : جاء ، يجيء ، مجيئا ، فهو جاء.
والتصرف : هو التنقل في الأزمنة. وكذلك : أقبل محمد ، مسرعا ، وأقبل مسرعا ، محمد.
ومسرعا ، اقبل محمد. لأن (أقبل) متصرف (٢).
[قلت] : التصرف في المعمول على حسب التصرف في العامل. فإذا كان العامل قويا بالتصرف فيه ، كان التصرف في معموله أقوى منه ، إذا لم يكن العامل متصرفا. ألا ترى أنّ باب (كان) يتصرف في خبره بالتقديم على الاسم وعلى (كان) وباب (إنّ) لا يتصرف في خبره بالتقديم وما ذلك إلا ؛ لأن (كان) متصرف ، (وإنّ) غير متصرف. فكذا ، هاهنا : إذا كان العامل متصرفا ؛ جاز التصرف ؛ في الحال بالتقديم ، على صاحبها ، وعلى عاملها ؛ لا خلاف في ذلك فأما إذا لم يكن العامل متصرفا ؛ فإنه لا يجوز تقديم الحال على العامل فيها ؛ كقولك : هذا زيد قائما. لا يجوز :
قائما هذا زيد. ويجوز : هذا قائما زيد. وأبو الحسن ، يجيز في قوله تعالى : (وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا)(٣). فيمن قرأ بالنصب (٤) : أن تكون حالا من الضمير في الظروف ، وهو قوله" لذكورنا" على تقدير : ما في بطون هذه الأنعام ثابتا هي لذكورنا خالصة. فالعامل في الحال هو الظرف عنده (٥) وأجاز تقديم الحال عليه ، فيجيز : زيد ، قائما ، في الدار ، ويجيز مررت ، جالسا ، بزيد في تقدير : مررت بزيد جالسا. ونحن لا نجيز شيئا من ذلك ؛ لقلة تصرف العامل.
ونحمل نصب (خالصة) على الحال من الضمير ، مما في قوله : (فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ) أي : وقالوا : ما ثبت في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا.
[فإن قلت] : فإنكم زعمتم أن الحال تشبه الظرف. والظرف يعمل فيه المعنى ، متقدما ، كقوله تعالى : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)(٦). وقولهم : أكلّ يوم لك ثوب. فيعمل (في شأن) و (لك) في (كل يوم). فلم لا يجوز قول أبي الحسن؟. [٧٤ / ب].
[الجواب] : أنّ الحال ، وإن أشبه الظرف ، فإنه يشبه المفعول به. والمفعول به إذا تقدم على
__________________
(١) عجز بيت من الوافر ، سبق ذكره رقم (٨١)
(٢) اللمع في العربية ١٣٥ ، وفيه : تقديم الحال عليه.
(٣) : سورة الأنعام ١٣٩.
(٤) وهم : ابن عباس ، والزهري ، وقتادة ، والأعرج ، وابن جبير ، وسفيان بن حسين. إعراب القرآن ـ للنحاس ١ : ٨٥٤ ، مختصر في شواذ القرآن ٤١ ، والمحتسب ١ : ٢٣٢ ، والكشاف ٢ : ٥٥ ومجمع البيان ٤ : ٣٧٢ ، والتبيان ـ للعكبري ١ : ٢٦٢ ، وتفسير القرطبي ٧ : ٩٦ ، والبحر المحيط ١ : ٢٣١.
(٥) أي : عند أبي الحسن ، الأخفش. مجمع البيان ٤ : ٣٧٣.
(٦) ٥٥ : سورة الرحمن ٢٩.