٢٢٦ ـ لمن الدّيار بقنّة الحجر |
|
أقوين من حجج ، ومن دهر (١) |
فحجج : سنون ، وهو زمان [٨٨ / ب] ، فأدخل (من) عليه.
[الجواب] : أما الآية ، فتقديره : من تأسيس أول يوم. فحذف المصدر في اللفظ ، وهو مراد في المعنى. و (من) داخل على ذلك المصدر. وكذا البيت :
... |
|
أقوين من حجج ، ومن دهر |
أي : من مرّحجج ، فحذف المضاف في اللفظ ، وهو مراد في المعنى. والشيء يحذف في اللفظ ، ويقدر في المعنى. ألا ترى أنه [قال الشاعر] :
٢٢٧ ـ أكلّ امرئ تحسبين امرءا |
|
ونار ، توقّد بالليل نارا (٢) |
وتقديره : وكلّ نار. فحذف في اللفظ ، وهو مراد في المعنى. لو لا ذلك ، لم يجز جر نار ، إذ [مر](٣) هناك. ولا يحمل على امرئ ، في قوله : أكلّ امرئ ، لأنه لا يجيز العطف على عاملين.
وفي حمله على امرئ : عطف على عاملين ، وكنا قديما ذكرنا ذلك.
ف (منذ) و (مذ) للأزمنة ، وإنما كان (مذ) أكثره مرفوعا ما بعده ، لأنه محذوف من (منذ).
والحذف في الأسماء أكثر منه في الحروف. ألا ترى أنّ مثل : إن في : إنّ. وكأن وريديه في : كأنّ.
ورب ، في : ربّ. وربما ، في : (ربما يودّ الذين كفروا) ، ليس مثل : أب ، ودم ، وغد ، وعصا ، ورحى ، وفريزد ، وفرازد. ومذ ومنذ ، إذا كانا اسمين كانا مرفوعين بالابتداء ، وما بعدهما : الخبر.
فإذا قلت : لم أره مذ يومان ، فالكلام : جملتان : إحداهما : لم أره ، جملة من فعل وفاعل. ومذ يومان : مبتدأ ، وخبر ، فهي جملة ثانية. وإذا كانا حرفين ، كانا جارين. فقولك : أنت عندنا مذ اليوم. أنت : مبتدأ. وعندنا : في موضع الخبر. ومذ اليوم : معمول (عندنا) يتعلق بالظرف. والتقدير : أنت مستقر عندنا في اليوم ، أو : من اليوم. فكما أن قولك : في اليوم ، لو ظهر كان معمولا للظرف ، ولم يكن جملة ، فكذا هاهنا ، لأنه بمنزلته ، وإذا كانا اسمين ، كانا يدلان على معنيين : أحدهما : انتظام أول الوقت ، وآخره ، كقولك : لم أره مذ يومان. أي : بيني وبينه هذا المقدار. فإذا كان كذلك ، كان ما بعدهما [٨٩ / أ] مبهمين دالين على العدد ، لا يجوز التوقيت ، مكان ذلك ، لأنك إذا قلت لم أره ، كأنه قيل لك : كم ذلك؟. فقلت : يومان. فكما أنّ جواب كم : مبهم معدود غير محصور ، فكذا ها هنا. وكذلك ، لو قال ، هاهنا : لم أره منذ جمعة ، جاز ، لأنّ الجمعة معدودة.
والمعنى الثاني ، في رفع ما بعدهما : أن يدل على أول الوقت ، حسب. وإذا كان كذلك ، كان ما بعدهما ، مؤقتين. تقول : لم أره منذ يوم الجمعة ، ومنذ يوم السبت ، فيدل هذا على أن انقطاع
__________________
(١) البيت من مرفل الكامل ، لزهير بن أبي سلمى ، في : ديوانه ١١٠ ، والإنصاف ١ : ٣٧١ ، وابن يعيش ٤ : ٩٣ ، ٨ : ١١ ، والخزانة ٩ : ٤٣٩ ، ٤٤١.
(٢) البيت من المتقارب ، لأبي دؤاد الإيادي ، في : الكتاب ١ : ٦٦ ، والتحصيل ٨٧ ، وابن يعيش ٣ : ٢٦ ، ٨ : ٥٢ ، ٩ : ١٠٥ ، والخزانة ٤ : ٤١٧ ، ٧ : ١٨ ، ٩ : ٥٩٢ ، ١٠ : ٤٨١.
وبلا نسبة في : همع الهوامع ٤ : ٢٩١.
(٣) الأصل غير واضح.