٣٠٤ ـ فمتى واغل ينبهم يحيّو |
|
ه ويعطف عليه كأس السّاقي (١) |
التقدير : متى ينبهم واغل يحيوه. فينبهم : شرط ، وفصل بينه ، وبين متى بواغل ، للضرورة.
وليس في (إن) ضرورة ، لمجيئه في التنزيل. فعلم أنه أمّ الباب ، وهو على أربعة أقسام :
[الأول] : أن يكون للشرط ، كما ذكرنا.
[الثاني] : أن يكون مخففة من (إنّ) الثقيلة. وذلك ، كقراءة من قرأ : (وَإِنَّ كُلًّا)(٢). بتخفيف (إنّ) ونصب (كل). والتقدير : وإنّ كلا. وبهذه ، أعني المخففة من (إنّ) الثقيلة ، إذا دخلت على الاسم ، جاز أن تعمل فيها ، وجاز أن يبطل عمله. تقول : إنّ زيدا لقائم ، وإن زيد لقائم. وقد تدخل هذه على الفعل ، كقوله تعالى : (وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ)(٣) ، وقوله : (إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ)(٤) ، وقوله : (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ) (١٦٨) (٥) ، على تقدير : وإنّهم كانوا ليقولون لو أنّ عندنا ، وإنّا وجدنا أكثرهم لفاسقين ، وإنّا كنا عن عبادتكم لغافلين.
وهذا تقدير النحاة أجمعين ، سوى فارسهم (٦) ، فإنه زعم : أنه لا إضمار بعد (إن) لأنهم أرادوا تأكيد الفعل ، كما أرادوا ب (إنّ) تأكيد الاسم. فلم يمكنهم تأكيد الفعل ب (إنّ) المشددة ؛ لأنها تشبه الفعل ؛ والفعل لا يلي [١٢٦ / أ) الفعل. فخففت حيث أريد تأكيد الفعل. فليس هناك إضمار بتة. فلا بد ل (اللام) من أن يكون معها ليكون التأكيد.
[الثالث] : أن يكون (إن) بمعنى (ما) النافية ، كقوله تعالى (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ)(٧) ؛ أي : ما الكافرون إلا في غرور. وإذا كان كذلك فلا بد من (إلا) في خبرها ؛ ليتبين هذا المعنى. فإن لم يكن (إلا) في خبرها ، كانت مخففة من الثقيلة ، لتأكيد الكلام ، كقوله : (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ) (١٦٧) (٨) ، ولا يكون بمعنى (ما) البتة.
[الرابع] : أن تكون (إن) زائدة. [قال الشاعر] :
٣٠٥ ـ وما إن طبّنا جبن ، ولكن |
|
منايايا ، ودولة آخرينا (٩) |
__________________
(١) البيت من الخفيف ، لعدي بن زيد العبادي ، في : ديوانه ١٥٦ ، والكتاب ٣ : ١١٣ ، والتحصيل ٤٢٢ ، والإنصاف ٢ : ٦١٧ ، والخزانة ٣ : ٤٦ ، ٩ : ٣٧ ، ٣٩.
وبلا نسبة في : المقتضب ٢ : ٧٦ ، وابن يعيش ٩ : ١٠.
(٢) ١١ : سورة هود ١١١. وينظر : ص ١٢٤ ، هامش (٢).
(٣) ٧ : سورة الأعراف ١٠٢.
(٤) ١٠ : سورة يونس ٢٩.
(٥) ٣٧ : سورة الصافات ١٦٧ ، ١٦٨.
(٦) المغني ١ : ٢٣٣ ، وفيه : (قال أبو الفتح : قال لي أبو علي : ظننت أن فلانا نحوي محسن ، حتى سمعته يقول : إنّ اللام التي تصحب (إن) الخفيفة هي لام الابتداء. فقلت له : أكثر نحويي بغداد على هذا).
(٧) ٦٧ : سورة الملك ٢٠.
(٨) ٣٧ : سورة الصافات ١٦٧.
(٩) البيت من الوافر ، لفروة بن مسيك ، الصحابي ، في : سيرة ابن هشام ٤ : ٢٢٨ ، والخزانة ٤ : ١١٢ ، ١١٥ ، ١١ : ١٤١ ، ١٨.
وبلا نسبة في : الكتاب ٣ : ١٥٣ ، ٤ : ٢٢١ ، والتحصيل ٤٢٥ ، والمقتضب ١ : ٥١ ، والخصائص : ١٠٨ ، وابن يعيش ٥ : ١٠ ، والمغني ١ : ٢٥ ، وهمع الهوامع : ٢ : ١١١.