١ ـ نقل الآراء :
من ذلك نقله لرأي سيبويه في (عرفات) أنها اسم معرفة ؛ بدليل قولهم هذه عرفات مباركا فيها ، فتنصب (مباركا) على الحال ، والحال تكون من المعرفة دون النكرة (١).
ومنه قوله في الوقف على المنقوص المحلى ب (أل) ، أنه بالياء ، وبه وردت القراءة عن ابن كثير : الكبير المتعالي (٢).
قال : وهو الاختيار عند سيبويه ؛ ولا يلزمه (٣) قراءة الجمهور (الكبير المتعال) لأن ذلك كقوله : والّليل إذا يسر. وما كنّا نبغ.
ومنه قوله في باب (ظرف المكان) (٤) ، لو قلت ، في نحو قولك : داري من خلف دارك فرسخين أو فرسخان ، لجاز ، إذ نقل عن أبي عمر الجرمي رأيه حيث قال : وأبو عمر يأبى النصب إذا أدخلت (من) ولا يجيز إلا الرفع ، فيقول : داري من خلف دارك ؛ وإنما يتم إذا قلت : فرسخان ، فهو خبر (٥).
ومنه ما نقله في باب الاستثناء ، عن الكسائي والفراء في قوله تعالى : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)(٦) ، قالا : التقدير أنعمت عليهم ، لا مغضوبا عليهم ولا الضالين ، فإنما جاء (لا) في قوله ولا الضّالّين لأن في (غير) معنى النفي (٧). وإذا كان كذلك كان حكمه حكم النفي (٨).
٢ ـ مناقشة آراء سابقيه واختياره :
ومن أمثلة ذلك العامل في الخبر ، إذ ذهب الكوفيون إلى أن المبتدأ يرفع الخبر ، والخبر يرفع المبتدأ ، فهما يترافعان.
وذهب البصريون إلى أن المبتدأ يرتفع بالابتداء واختلفوا في رافع الخبر (٩).
قال جامع العلوم بشأن ذلك : ((الخبر مرفوع عندنا بالابتداء)) وذهب المبرد ، وابن السري (١٠) إلى أن الابتداء قد عمل في المبتدأ.
والابتداء ، والمبتدأ جميعا رفعا الخبر ، قالا : وذلك بمنزلة النار والقدر جميعا تحميان الماء (١١).
ألا ترى أن النار تحمي القدر والنار والقدر جميعا تحميان الماء ونظيره من كلامهم (لم يضرب زيد) (لم) عملت في (يضرب) فجزمته ، ثم (لم) مع (يضرب) : رفعا الفاعل. والقول قول سيبويه : من
__________________
(١) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٤ ، وينظر : الكتاب ٣ : ٢٣٣.
(٢) ١٣ : سورة الرعد ٩.
(٣) أي : لا يلزم سيبويه ، الكتاب ٤ : ١٨٤.
(٤) شرح اللمع لجامع العلوم ١٧٣.
(٥) نفسه ١٧٥.
(٦) ١ : سورة الفاتحة ٧.
(٧) معاني القرآن ـ للفراء ١ : ٨.
(٨) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٠٢.
(٩) الإنصاف (مسألة ٥) ١ : ٤٤.
(١٠) هما من البصريين.
ينظر : المقتضب ٤ : ١٢٦ ، والأصول ١ : ٦٣.
(١١) الإنصاف ١ : ٤٦.