بمنع الصرف : إنما هو التنوين فقط. ولكن إذا لم يدخل التنوين ، فيما لا ينصرف ، فإن الجر ، أيضا لا يدخله ؛ تبعا للتنوين. لأن الجر يعاقب التنوين ؛ وإنما لم يدخله الجر ؛ تبعا للتنوين.
[فإن قلت] : فلم قلتم بأنه إذا لم يدخله التنوين ، وجب أن لا يدخله الجر؟.
[الجواب] : لأن التنوين من خصائص الأسماء ، والجر ، أيضا ، من خصائصها. فحيث دخل التنوين ، دخل الجر.
فأما إذا دخل الألف ، واللام هذا الاسم ، أو أضيف ، فإنه يدخله الجر. وذلك لأنه ، هناك ، أمن من دخول التنوين ، فلما أمن من دخول التنوين عليه ، دخله الجر ؛ لأن الجر ، إنما لا يدخل في اسم ، لا يدخله التنوين ، ويمكن أن يدخله. فهاهنا ، لما لم يمكن أن يدخله التنوين ، دخله الجر. فنقول : هذا أحمد ، ورأيت أحمد ، ومررت بأحمد. فقوله : مررت بأحمد. أحمد : مجرور ، وعلامة الجر فيه ، فتحة الدال. وهو كما تقول ، في قولك : رأيت مسلمات ، فإنه منصوب. وعلامة النصب فيه : كسرة التاء. فكذلك ، أيضا ، هاهنا. والفتحة ، في قوله : مررت بأحمد ، فتحة إعراب ، لا فتحة بناء ، كما ذكرنا. ولأن الشبهية بالأفعال ، لا توجب البناء ؛ وإنما تمنع الصرف ، والشبهية بالحروف توجب البناء ، وهاهنا ، لم توجد الشبهية بالحروف ؛ فلهذا قلنا : إنّ هذه الفتحة ، في حالة الجر ، فتحة إعراب ، لا فتحة بناء.
[فإن قلت] : يجوز أن يكون هذا الاسم ، في حالة الرفع ، والنصب معربا ، وفي حالة الجر مبنيا ، لأن المعرب قد يعود مبنيا. هذا كما تقول ، في قولك : يا زيد. وذلك لأن (زيدا) معرب. ثم يطرأ عليه ما يبنيه ، فكذلك ، أيضا ، جاز أن يكون ، هاهنا ، في حالة الرفع ، والنصب معربا ، وفي الجر يعود مبنيا.
[الجواب] : قلنا : ليس كذلك ، وذلك ، لأن في المنادى ، إنما بني لأنه وقع موقع المضمر ، فبني. وهاهنا ، لم يقع موقع المضمر ، فلم يبن.
والأسباب التي تمنع الصرف : تسعة ، وهي : وزن الفعل الذي يغلب عليه ، أو يخصه ، والتعريف ، والتأنيث لغير فرق ، والألف ، والنون المضارعتان لألفي التأنيث ، والوصف ، والعدل [١٣٥ / ب] ، والجمع ، والعجمة ، وأن تجعل الاسمين اسما لشيء واحد.
الأول : وزن الفعل الذي يغلب عليه ، أو يخصه : وقولنا : يغلب عليه ، يعني (الأغلب) أنه إنما يكون في الأفعال ، ولا يكون في الأسماء ، إلا نادرا. لأن قوله : يضرب ، ويشتم ، وغير ذلك من الأفعال التي تأتي على وزن (يفعل) فإن أكثره ، وأغلبه ؛ إنما يوجد في الأفعال. فأما الأسماء ، فإنه عدة أسماء على وزن (يفعل) نحو : يزيد ، ويشكر ، وتغلب ، وغير ذلك. فالأغلب الذي يكون على هذا الوزن ، فإنه يكون في الأفعال.
وقولنا : يخصه : معناه : يختص بالفعل ، ولا يوجد في الأسماء اسم على هذا الوزن ، وهو مثال (انفعل) أو (فعل) فإنه لا يوجد في الأسماء اسم على هذا الوزن إلا قولهم : أنقحل ، ودئل. وهما شاذان ، لا يقاس عليهما كل ما كان على وزن (أفعل) و (يفعل) و (نفعل) و (تفعل) و (فعل) و (انفعل). فإن بعض هذه الأوزان ، أغلبها في الفعل ، وبعضها يختص بالفعل. فإذا سميت بهذه