الواحد. و (قفزان) ينصرف ، كقرطان. والقرطان : طنفسة تلقى على ظهر البعير. و (قتلى) إذن ، كعطشى : لا ينصرف ؛ لأن الواحد الذي على وزنه ، أيضا ، لا ينصرف إلا ما كان من الجمع على مثال : مفاعيل ، ومفاعل ، فإنه لا ينصرف ، معرفة ، ولا نكرة. وذلك ، لأنه جمع ، ولا نظير له من الآحاد. فكأنه جمع مرتين ، فلا ينصرف ؛ لاجتماع السببين ، وهو كونه : جمعا ، وكونه : لا نظير له من الآحاد كأنه جمع من وجه آخر.
فافترق هذا الجمع ، وغيره من الجموع التي لها نظير في الآحاد ، فلم ينصرف ، معرفة ولا نكرة. والأصل في هذا أن يبقى بعد الألف حرفان خفيفان ، أو حرف مشدد ، مثل (دوابّ) و (مخادّ) و (دنانير). الأصل فيه (دوابب) و (مخادد) فإن كان فيه هاء التأنيث ، لم ينصرف ، معرفة ، وانصرف نكرة ، نحو (صياقلة) لأن له نظيرا من الآحاد ، وهو (كراهية) (١) فإن كانت لامه معتلة ، انصرف في الرفع ، والجر ؛ لنقصانه ، ولم ينصرف في النصب ؛ لتمامه. تقول : هؤلاء جوار ، وغواش.
ومررت بجوار وغواش. ورأيت جواري ، وغواشي.
قال أبو علي : أصله جواري ، فتحذف الياء ؛ لأن الياء تحذف حذفا (٢) ، كما قال الله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) (٤) (٣) ، و : (ما كُنَّا نَبْغِ)(٤) ، وغير ذلك من المواضع. فلما حذفت الياء ، نقص الاسم ، فعوض منه التنوين. فقيل (جوار). قال : فحذف الياء ، فنقص الاسم ، وانصرف. ولم يثقل حتى لا ينصرف. فأما في حالة النصب. فإن الياء تعود ، فمنع الصرف.
وقال الزجاج : ليس كذلك. لأن أصله : جواري. قال : فحذفت الحركة من الياء للاستثقال.
فلما حذفت الحركة ، أبدل من الحركة التنوين. فلما دخل التنوين ، التقى ساكنان ، فحذفت الياء ، لالتقاء الساكنين.
[قلت] : هذا باطل. وذلك [١٣٩ / ب] لأنا نرى كثيرا من الحركات ، تحذف ثم لا يعوّض منه التنوين. والدليل عليه قولهم : يغزو ، ويرمي. وأصله : يغزو ، ويرمي. ثم إن الحركة تحذف ، ولا تبدل منه التنوين. فكذلك ، هاهنا.
[فإن قلت] : ليس هذا ك (يغزو) و (يرمي) وذلك لأنه فعل. والأفعال لا يدخلها التنوين ، بخلاف هذا.
[الجواب] : قلنا : إنما لا يدخل (يغزو) و (يرمي) التنوين الذي للفرق بين ما ينصرف ، وبين ما لا ينصرف. وهذا التنوين الذي يبدل من الحركة ، يدخل الفعل ، فكان من الواجب أن يدخل هذا الفعل ، بحذف الحركة. فلما لم يدخل ، علمنا بهذا أن التنوين ، لا يبدل من الحركة.
[والعجمة] : ومتى انضم إليه ، سبب آخر ، فإنهما يمنعان الصرف ، لأن العجمة فرع على العربية. كما أن الفعل فرع على الاسم. وهو على ضربين : أحدهما : ما يدخله الألف واللام :
__________________
(١) يعني : أن لفظة (كراهية) وهي مفرد على زنة (صياقلة) وهي جمع.
(٢) المقتصد ٢ : ١٠٢٨.
(٣) ٨٩ : سورة الفجر ٤.
(٤) ١٨ : سورة الكهف ٦٤.