كانوا. وعند يونس تقديره : ككونهم. ويكون (كان) تامة.
(قال أبو الفتح) : والحروف الموصولة ، ثلاثة (ما) و (أن) الخفيفة ، و (أنّ) الثقيلة. ومعاني جميعها بصلاتها ، المصادر. تقول : سرني ما قمت ، أي : سرني قيامك. وعجبت مما قعدت ، أي : عجبت من قعودك. قال الله تعالى : (وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ)(١) ، أي : بتكذيبهم.
(قلت) : (ما) هذه : حرف ، عندنا. وعند الأخفش (٢) : اسم ، لأنه يدخل عليه عوامل الأسماء.
فصارت كالأسماء ، نحو الباء ، في : (وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ ،) والكاف ، في : (كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا)(٣). وحروف الجر من خصائص الأسماء.
قال : ولا يلزم أنه لا يعود إليه ، من الصلة ضمير ظاهر ، لأني أقدر الهاء في الصلة. ويكون الهاء كناية عن المصدر. فتقدير قوله : (كَما نَسُوا ،) أي : كما نسوه. فالهاء : كناية عن النسيان ، وهو يعود إلى (ما) المنبئ عن النسيان.
وإن قلتم : إنّ ضمير المصدر ، ليس كصريحه ، بدليل امتناع قولهم : مروري بزيد حسن ، وهو بعمرو قبيح ، قلت لكم : ضمير المصدر ، وإن خالف صريحه في هذا ، فلم يخالفه في تعدية الفعل إليه. ألا ترى : أنا نقول : أعجبني قيام قمته ، فتعدى (قمت) إلى ضمير قيام ، كما تقول : قمت قياما. وتقول : ضربته زيدا كما تقول : ضربت ضربا زيدا. [فضمير](٤) المصدر ، وصريحه غير مخالفين في هذا ، بل هما متفقان. فلا وجه لإنكار إضمار هذا الهاء ، في صلة (ما).
[ثم](٥) : إنّ (ما) هاهنا ، حرف ، ودخول الجار عليه ، إنما جاز ، لأنه مع ما بعده في تأويل المصدر ، فهو بمنزلة (أن) و (أنّ) حيث جاز دخول الجار عليه في قولك : عجبت من أن قمت لما كان في تأويل : قيامك ، فهو إذن حرف. وقد نص عليه سيبويه (٦) ، وقاسه (بأن).
وإضمار العائد في صلته ، دعوى فاسدة ، إذ لم يظهر في موضع ، ولا يحتاج إلى إضماره ، في تصحيح الكلام. والكلام بدونه مستقيم. (١٥٨ / أ) ولو جاز لأحد ادعاء ذلك لجاز مثله الآخر ، في (أن) وفي : أن لم يضمر أحد هاءا في صلة (أن) دليل على مثله في (ما) والمسألة طويلة ، وقد ذكرتها في (الخلاف بين النحاة).
وأما (أنّ) الثقيلة ، فقد مضى ذكرها. وأما (أن) الخفيفة ، فهي ناصبة للفعل. والفعل ، بعدها أيضا صلتها تقول : أريد أن تقوم. ويجوز أن تعطف عليه فتقول : أريد أن تقوم وتضرب زيدا فتنصب : تضرب لأنه معطوف على الأول. لأن الضرب داخل في الإرادة ، لأن إرادته إنما هي :
الضرب ، والقيام.
(فإذا قلت) : أريد أن أزورك فيمنعني البواب.
(فالجواب) : لا تنصب قوله : يمنعني لأنه كلام مستأنف مرفوع ، وليس بعطف لأن المنع لا
__________________
(١) ٩ : سورة التوبة الآية ٧٧.
(٢) وأبي بكر كذلك ينظر : المغني ١ : ٣٠٥.
(٣) ٧ : سورة الأعراف ٥١.
(٤) الأصل غير واضح.
(٥) الأصل بياض.
(٦) الكتاب ٣ : ١٠٢.