يدخل في الإرادة ، لأن إرادته الزيارة دون المنع فإذا كان كذلك تقول : فيمنعني البواب. على تقدير : فإذا يمنعني البواب. والدليل عليه قول الشاعر :
٣٤٧ ـ يريد أن يعربه ، فيعجمه (١) |
|
... |
لأنه ليس بمعطوف على قوله : يعربه ، إذ لو كان كذلك لانتقض المعنى لأن إرادته الإعراب ، دون الإعجام. فإذن قوله : يعجمه : كلام مستأنف ، ولو نصب لفسد المعنى.
(قلت) : اعلم أنه لا يؤكد الموصول وقد بقيت منه بقية فلا تقول : مررت بالضاربين أجمعين زيدا بل تقول مررت بالضاربين زيدا أجمعين فإن جعلت قوله : أجمعين تأكيدا للضمير الذي في الضاربين جاز. ويكون التقدير : مررت بالضاربين هم أجمعون زيدا ولا يوصف ولا يعطف عليه وقد بقيت منه بقية لأن الصلة مع الموصول بمنزلة اسم واحد. وإذا لم ينقض الموصول مع الصلة ، فلا يعطف على بعض الاسم.
واعلم أن المصدر ، على ثلاثة أقسام :
مصدر تنونه ، وهو قولك : أعجبني ضرب زيد عمرا. فإنه إذا كان منونا ، فإنه يعمل غاية العمل وذلك لتحقق شبهيته بالفعل ، والفعل أيضا نكرة وقولك : أعجبني ضرب زيد عمرا فإن قولك : ضرب : مرفوع بفعله (١٥٨ /) وفعله : أعجبني.
وزيد : ارتفع بالفعل الذي في المصدر. وهاهنا يجوز أن يحذف الفاعل. فتقول : أعجبني ضرب زيدا ولا يحتاج إلى الفاعل لأن قوله : ضرب : اسم صريح فلا يحتاج إلى اسم آخر بخلاف الفعل وذلك لأن الفعل خبر والخبر لا بد من مخبر عنه فلهذا قلنا : لا يجوز حذف الفاعل من الفعل.
والقسم (الثاني) : أن تضيفه فتقول : أعجبني ضرب زيد عمرا وهاهنا يجوز أن تضيفه إلى الفاعل وتنصب المفعول بعده ويجوز أن تضيفه إلى المفعول وترفع الفاعل بعده فتقول : أعجبني ضرب زيد عمرو والدليل عليه قول الشاعر :
٣٤٨ ـ ... |
|
قرع القواقيز أفواه الأباريق (٢) |
بالنصب. إذا كان مضافا إلى الفاعل وأفواه الأباريق : بالرفع إذا كان مضافا إلى المفعول.
__________________
(١) من الرجز ، للحطيئة ، وقبله :
فالشعر صعب ، وطويل سلمه |
|
إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه |
وهو في : ديوانه ٢٣٩ ، واللمع في العربية ٣٠٣.
(٢) البيت من البسيط ، للأقيشر الأسدي ، وصدره :
أفنى تلادي وما جمعت من نشب
وهو بهذه النسبة في : الخزانة ٤ : ٤٩١.
وبلا نسبة في : المقتضب ١ : ٢١ ، والإنصاف ١ : ٢٣٣ ، واللمع في العربية ٣٠٧ ، والمغني ٢ : ٥٣٦ ، واللسان (ققز) ٥ : ٣٩٦. القواقيز : الكؤوس.