المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، كما قال الله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(١) أي : أهل القرية.
فكذلك هاهنا. عنى أن الكلام ، يتركب إذا أفاد من الثلاثة ، على معنى أنه لا يوجد لهذه الثلاثة رابع. ويتركب من شيئين من جملة الثلاثة. فإن قلت : ومن أين لكم أن تقولوا : إن الكلام ، ثلاثة أضرب. وهل أدرك أحد جميع كلام العرب ، حتى يجوز له القطع ، والبتات على ثلاثة أضرب؟
قلت : إن هذا الكلام عبارة عن المعنى. والمعنى شيء يشترك فيه جميع الناس ، فما من معنى يمكن أن يعبر عنه بكلمة إلا رجعت تلك الكلمة إلى هذه الثلاثة ، وهذا معقول. فإن قلت : ليس الأمر كذلك ، لأنا قد وجدنا في كلامهم أشياء خارجة عن الاسم ، والفعل ، والحرف ، وذلك قولهم : (صه ، ومه ، وها ، ورويد) وأشباهه ، فإن قولنا : (صه) ، لا يكون اسما ، لأن الكلام مستقبل به ، والاسم الواحد لا يكون كلاما. وبهذا المعنى يبطل كونه حرفا ، فيبقى أن يكون فعلا. ولا يجوز كونه فعلا ، لدخول التنوين عليه ، في نحو : (صه) و (مه). قلت : إن (صه) اسم للفعل ، وهو داخل في هذه الثلاثة ، وليس بخارج منها ، لدخول التنوين عليه. والتنوين على هذا الحد ، شيء يختص بالأسماء ، وذلك ، لأن (صه) معرفة ، إذ معناه : اسكت الآن.
و (صه) نكرة ، إذ معناه : اسكت سكوتا. والتنوين فارق بين التعريف والتنكير ، فلم يختص بالأسماء.
بقي أنه ما (٢) كان كلاما مفيدا بنفسه ، والاسم المفرد لا يكون كلاما. وإنّما كان كذلك ، لأن (صه) اسم (اسكت). و (اسكت) جملة غير مفرد ، فكذلك (صه) بمنزلته ، فكما أن في (اسكت) ضمير الفاعل ، وتقديره : اسكت أنت ، فكذا (صه) أنت.
ويدل على أن هذا النوع : اسم دخول الألف واللام ، في قولك : النجاك ، بمعنى : انج والألف واللام من خصائص الاسم.
[قال أبو الفتح] :
الاسم : ما حسن فيه حرف من حروف الجر ، أو كان عبارة عن شخص ، فحرف الجر ، نحو قولك : (من زيد) و (إلى عمرو) [٢ / أ] وكونه عبارة عن شخص. نحو قولك ، هذا رجل ، وهذه امرأة.
[قلت] : إن علامات الاسم كثيرة ، ولا تخلو من أحد أربعة مواضع : إما أن يكون في أوله ، نحو حرف الجر ، والألف واللام ، أو في آخره ، كالتنوين ، والتثنية ، والجمع على حدها ، أي حد التثنية ، أو يكون في أوسطه ، كياء التصغير ، وألف التكسير في (رجيل ومصابيح) ، أو يكون في معناه ، ككونه عبارة عن شخص. وإذا ثبت هذا ، فهل للاسم حد ، لغة ، أم لا؟ فقد اختلفوا فيه.
والصحيح : أن لا حد له ، لغة ، لأن حد كل شيء ما يمنع أن يدخل فيه ما ليس منه.
وأن يخرج منه ما هو فيه. فكل ما يحد به الاسم ، يخرج منه شيء ، ألا ترى أن قول ابن
__________________
(١) ١٢ : سورة يوسف ٨٢.
(٢) ما : موصولة بمعنى : الذي.