فاك ، ووضعت الشيء في فيك. فإذا أفرد عن الإضافة عوضت الميم من الواو ، فيقال : هذا فم ، ورأيت فما ، ومررت بفم. ولا يجوز في الإضافة : هذا فم زيد ، ولا : هذا فمك ، لأن الميم جاءت هنا ، حتى لا يجب حذف الواو. ألا ترى أنا لو قلنا (فو) ، في الإفراد ، لحقته التنوين ، لتمكن الاسم ، وهي ساكنة ، والواو ساكنة ، فيجب حذف الواو ، فيبقى (ف) وليس في الأسماء المتمكنة ، اسم على حرف واحد ، فتجنبوا إذن ، وعوضوا الميم ، من الواو ، لأن الميم من الشفة ، كما أن الواو كذلك. [فإن قلت] : فلم زعمتم أن الميم بدل من الواو ، [وقد قال الشاعر] :
٣٠ ـ هما نفثا في فيّ من فمويهما |
|
على النابح العاوي أشدّ رجام (١) |
فلو كانت الميم ، بدلا من الواو ، لم يجمع بينهما؟.
[قلت] : إن هذا ضرورة ، فيجوز فيه الجمع بين العوض ، والمعوض منه. وفيه وجه آخر ، وهو : أنه أبدل الميم من الواو ، وأبدل الواو من الهاء ، فليس في الكلمة ، على هذا حذف. فوزنه على هذا (فعليهما) وعلى الأول (فعييهما). [قال الشاعر] :
٣١ ـ خالط من سلمى خياشيم وفا (٢)
فإن التقدير فيه : وفاها ، على تقدير المضاف إليه. كذا زعمه الأخفش. وليست الألف فيها بدلا من التنوين ، كما هو في : رأيت زيدا ، لأن هذا يؤدي إلى أن يكون الاسم المتمكن على حرف واحد. وأما : ذو مال ، فلا يفرد عن الإضافة أبدا ، لما ذكرناه من أنه إذا أفرد لحقته التنوين ، فيوجب حذف الواو ، فيبقى الاسم على حرف واحد. [١٧ / أ] و (ذو) وصلة إلى وصف الأسماء بالأجناس ، كما أن الذي وصلة إلى وصف المعارف بالجمل. تقول : مررت برجل ذي مال. أردت أن تصف الرجل بالمال الذي هو اسم جنس ، فلم يمكنك ، أن تقول : مررت برجل مال ، فجئت بذي ، وصلة إلى هذا المعنى. كما أنك إذا قلت : مررت بزيد الذي في الدار ، إنما جئت بالذي ، لأنه لم يمكنك ، أن تقول : مررت بزيد في الدار ، لأن (في الدار) لا يكون وصفا لزيد. وإذا كان كذلك ، لم يجز إضافة (ذي) إلى المضمر ، لأن المضمر ليس بجنس. ولهذا المعنى ، قال سيبويه (٣) : أما العبيد فذو عبيد ، ولم يقل : فذوها ، وكرر العبيد ، إذ لا يستجيز إضافتها إلى المضمر. إلا أنه قد جاء : صل على محمد ، وذويه (٤). وجاء في الشعر : ذووه. فقد ، قال أبو علي : إنما جاء هذا ، لأنهم
__________________
(١) البيت من الطويل ، للفرزدق ، في ديوانه ٤٠٩ ، والكتاب ٣ : ٣٦٥ ، ٣٦٦ ، واللسان (فوه) ١٣ : ٥٢٨ ، والخزانة ٤ : ٤٦٠ ، ٤٦٤ ، ٧ : ٤٧٦ ، ٥٦٤.
وبلا نسبة في : المقتضب ٣ : ١٥٨ ، والإنصاف ١ : ٣٤٥.
(٢) من الرجز ، للعجاج ، وبعده : صهباء خرطوما عقارا قرقفا وهو في : ديوانه ٤٩٢ ، والخزانة ٣ : ٤٤٢ ، ٤٤٤ ، ٤ : ٤٣٧ ، ٦ : ٥١٠ ، ٧ : ٢٤٤ ، ٢٤٦.
وبلا نسبة في : المقتضب ١ : ٢٤٠ ، والمسائل المشكلة ١٥٦.
(٣) الكتاب ٣ : ٤١٢ ، ونص العبارة فيه (إنما فوك بمنزلة قولك : ذو مال فإذا أفردته ، وجعلته اسما لرجل ، ثم أضفته إلى اسم ، لم تقل : ذوك ، لأنه لم يكن له اسم مفرد).
(٤) معنى ذويه ، أي : أصحاب هذا الاسم ، وهو محمد ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال الكميت (الخصائص