يحملون الشيء على الشيء. فحملوا هاهنا ، (ذو) على الصاحب ، فذووه ، كأصحابه ، وكذلك (ذويه). ألا ترى أنه قد جاء : (وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ)(١) والمراد به : اجحدوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ، أو يحاجوكم عند ربكم ، إلا لمن تبع دينكم ، فحمل : ولا تؤمنوا ، على : اجحدوا ، فعومل معاملته. ولو لم يكن كذا لكان : ولا تؤمنوا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ، أو يحاجوكم عند ربكم إلا لمن تبع دينكم ، فكنت تعدي : تؤمنوا بالجارّين (٢) ، ولا يجوز ذلك. كما لا يجوز التعدي بالهمزتين ، ولا بالتشديدتين (٣) ، ولا ينجيه قوله رحمه الله (٤) : إن (لا تؤمنوا) ، بمعنى : لا تقروا. لأن كل ما يدعيه في الإقرار ، فهو مدعى عليه ، في الإيمان ، فلا (ذا) ، ولا [قول الشاعر] :
٣٢ ـ فلأبغيّنكم قنا ، وعوارضا |
|
ولأقبلنّ الخيل لابة ضرغد (٥) |
فقال هذا ، لأنه مكان. وإذا كان كذلك ، فهذا لا يغنينا إلا أن يكون يقدر الجار : إلى أن يؤتي ، كالمطرح المرفوض الذي لا يكون أصلا. وهذا يتأتى على قول سيبويه (٦) ، دون الخليل ، لأنه يقدر أنّ (أن) منصوبة الموضع بالفعل الذي قبله (٧) ، كما انتصب : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ)(٨).
[١٧ / ب] [ومثله قول الشاعر] :
٣٣ ـ أمرتك الخير ، فأفعل ما أمرت به |
|
فقد تركتك ذا مال ، وذا نشب (٩) |
__________________
٣ : ٢٧) :
إليكم ذوي آل النبي تطلّعت |
|
نوازع من قلبي ظماء ، وألبب |
وقال كعب بن زهير (ديوانه ١٥٢) :
صبحنا الخزرجية ، مرهفات |
|
أبار ذوي أرومتها ذووها |
وقال الآخر (اللسان ذوو) ١٥ : ٤٥٨) :
إنّما يصطنع المع |
|
روف في الناس ذووه |
(١) ٣ : سورة آل عمران ٧٣.
(٢) يقصد بالجارين : اللام في : (لمن تبع دينكم) ، والباء المقدرة في : (بأن يؤتى أحد ...).
(٣) أي : التضعيف.
(٤) أي : أبو علي الفارسي. مجمع البيان ٢ : ٤٥٩ ، ٤٦٠.
(٥) البيت من الطويل ، لعامر بن الطفيل (رواية ابن الأنباري) ، في : ديوانه ٥٥ وفيه : الملا ، بدل : قنا ، ولأوردن ، بدل : لاقلبن ، والكتاب ١ : ١٦٣ ، والمفضليات ٣٦٣ ، والخزانة ٣ : ٧٤ ، ٧٦ ، ٧٨ ، ٧٩.
قنا : جبل في ديار بني ذبيان. عوارض : جبل لبني أسد. اللابة : الحرة ذات الحجارة السود. ضرغد : حرة ، أو جبل بعينه.
(٦) الكتاب ٣ : ١٥٣ ، تحت باب : (هذا باب من أبواب أن التي تكون ، والفعل بمنزلة : المصدر).
(٧) يعني : أن الجار إذا حذف من : (أن يؤتى) كان على الخلاف ، فيكون في قول الخليل : جرا ، وفي قول سيبويه : نصبا.
(٨) ٧ : سورة الأعراف ١٥٥ ، وتقديره : اختار موسى من قومه ، فحذف (من) فوصل الفعل ، فنصبه. وإنما حذف (من) لدلالة الفعل عليه ، مع إيجاز اللفظ.
(٩) البيت من البسيط ، لعمرو بن معديكرب ، الزبيدي ، في ديوانه ٣٥ ، والكتاب ١ : ٣٧ ، والمغني ١ : ٣١٥ ،