الإعراب ، كقول الأخفش ، لا فرق بينهما. وأما قول الجرمي ، فإنه كان يزعم : أن المرفوع لا حرف إعراب فيه ، ولا إعراب ، لأنه قال : انقلابها إلى الياء ، علامة النصب ، والجر ، وهو فاسد ، لأن انقلاب الألف ، ياءا ، إنما يصدر عن فعل القالب ، فكيف يكون هذا إعرابا في الكلمة؟! وأما النون في التثنية ، فيما كان منصرفا ، فبدل من الحركة ، والتنوين ، نحو : الزيدين ، والعمرين ، النون فيهما بدل من الحركة ، والتنوين اللتين كانتا في : زيد ، وعمرو. [فإن قلت] : فالحركة في الألف ، والياء ، مقدرة ، فكيف يكون النون بدلا عنهما؟!.
[قلت] : إن الحركة لم تبرز إلى اللفظ. وما لا يبرز إلى اللفظ ، كان كالمطرح ، وإن قدر في الحرف. ألا ترى أنك ، إذا سميت بقدم ، وكبد ، امرأة [٢٠ / أ] لم تصرفها ، بلا اختلاف ، بخلاف : هند ، ودعد ، وجمل ، لأن في (هند) مذهبين : الصرف ، وترك الصرف. فترك الصرف (١) : للتعريف ، والتأنيث. والصرف : لأن الخفة قاومت أحد السببين. أعني : سكون الأوسط. وفي (قدم) : إجماع.
فإن سميتها ب (دار) ، صرفتها ، بالإجماع ، وإن كان أصل دار : دورا ، لأن الحركة لم تبرز إلى اللفظ ، وكانت بمنزلة المطرح. وأما النون ، في نحو قولك : أحمدان ، وما لا ينصرف ، فإنها عند قوم ، بدل من الحركة ، فحسب. وعند آخرين ، بدل من الحركة ، والتنوين ، لأن التثنية ترد الاسم إلى الأصل ، فجاءت النون لأجل ذلك. وأما النون ، في : هذان ، وذان ، وتان ، فإن هذه الأشياء ، عند أبي علي (٢) ، ليست بتثان لآحاد ، وإنما هي صيغ ، وضعت للتثاني. ألا ترى أن قولك : هذان ، لو كان تثنية لهذا ، لقيل : هاذيان ، واللذيان ، واللتيان ، كما قيل في تثنية : زيد : الزيدان. فلما جاء الأمر مخالفا لما في سائر الأصول ، علم أن مثل هذه الأشياء ، صيغ وضعت للتثنية. وكسر النون فيها ، لا يدل على أن قولك : هذان : تثنية لهذا. ألا ترى أنه قد جاء : يقومان ، ولا يدل على أن (يقومان) تثنية.
وقد جاء الفتح في نون التثنية ، وفي نون يقومان. روى الحلواني (٣) ، عن هشام (٤) ، عن ابن عامر :
__________________
وهو : حرف الإعراب .... وتكون الزيادة الثانية : نونا كانها عوض لما منع من الحركة ، والتنوين ، وهي : النون ، وحركتها : الكسر).
(١) المقتصد ٢ : ٩٩٣ ، وفيه : (قال الشيخ أبو علي : فإن كان الاسم الثلاثي : ساكن الأوسط ، صرف ، ولم يصرف. فترك الصرف لاجتماع التأنيث ، والتعريف ، والصرف ، لأن الاسم على غاية الخفة ، فقاومت الخفة أحد السببين).
(٢) المقتصد ١ : ١٩١ ، وفيه : (فإن النون في : (هذان) بمنزلة النون في : رجلان ، وإنما هي صيغة مرتجلة للتثنية .... يدلك على ذلك : أنه لو كان مثنى لوجب أن يدخله الألف ، واللام ، كما يدخل سائر الأسماء المعارف إذا ثنيتها .... فلما لم يقل : الهذان علمت أنه : اسم وضع للتثنية).
(٣) هو : أحمد بن يزيد بن أزداذ ، أبو الحسن ، الحلواني (توفي سنة نيف ، وخمسين ، ومئتين للهجرة). أخذ القراءة عن : أحمد بن محمد القواس بمكة ، وعن : قالون بالمدينة ، وعن : هشام بن عمار بالشام. قرأ عليه : الفضل بن شاذان ، وابنه : العباس بن الفضل ، وآخرون ينظر : غاية النهاية ١ : ١٤٩ ، ١٥٠.
(٤) هو : هشام بن عمار بن نصير ، السلمي ، الدمشقي (ت ٢٤٥ ه ، وقيل ٢٤٤ ه). أخذ القراءة عن : أيوب بن تميم ، وعراك بن خالد ، وآخرين. روى القراءة عنه : أبو عبيد ، القاسم بن سلام ، وأحمد بن يزيد ، الحلواني ، وآخرون. كان مشهورا بالنقل ، والفصاحة ، والعلم ، والرواية ، والدراية. ينظر : غاية النهاية ٢ :