ابن محمّد البلوطي الحافظ البغداديّ ـ بالأهواز ـ قال : أخبرنا جبير الواسطيّ ، ومحمّد ابن أحمد بن أسد الهرويّ ، وأبو الذر أحمد بن محمّد بن محمّد ـ واللفظ له ـ قالوا : حدّثنا عبيد الله بن جرير بن جبلة ، حدّثنا أبو زيد الهرويّ ، حدّثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة قال : قال معاذ : يا معشر العرب اعلموا أني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من كذب علىّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» (١).
المتكلّم على مذهب الأشعريّ من أهل البصرة. سكن بغداد ، وسمع بها الحديث من أبي بكر بن مالك القطيعي ، وأبي محمّد بن ماسي ، وأبي أحمد الحسين بن عليّ النّيسابوري ، خرّج له محمّد بن أبي الفوارس وحدّثنا عنه : القاضي أبو جعفر محمّد ابن أحمد السّمنانيّ ، وكان ثقة.
فأما الكلام فكان أعرف الناس به ، وأحسنهم خاطرا ، وأجودهم لسانا ، وأوضحهم بيانا ، وأصحهم عبارة ، وله التصانيف الكثيرة المنتشرة في الرد على المخالفين من الرافضة ، والمعتزلة ، والجهمية ، والخوارج وغيرهم. وحدث أن ابن المعلم ـ شيخ الرافضة ومتكلمها ـ حضر بعض مجالس النظر مع أصحاب له إذ أقبل القاضي أبو بكر الأشعريّ فالتفت ابن المعلم إلى أصحابه وقال لهم : قد جاءكم الشيطان! فسمع القاضي كلامهم ـ وكان بعيدا من القوم ـ فلما جلس أقبل علي ابن المعلم وأصحابه وقال لهم : قال الله تعالى : (أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) أي إن كنت شيطانا فأنتم كفار ، وقد أرسلت عليكم.
حدّثنا أبو القاسم عليّ بن الحسن بن أبي عثمان الدّقّاق وغيره أن الملك الملقّب بعضد الدولة كان قد بعث القاضي أبا بكر بن الباقلاني في رسالة إلى ملك الروم ، فلما ورد مدينته عرف الملك خبره ، وبين له محله من العلم وموضعه ، فأفكر الملك في أمره وعلم أنه لا يكفر له إذ دخل عليه ، كما جرى رسم الرعية أن تقبل الأرض بين يدي الملوك ثم نتجت له الفكرة أن يضع سريره الذي يجلس عليه وراء باب لطيف
__________________
(١) سبق تخريجه ، راجع الفهرس.
(٢) ٩٧٨ ـ هذه الترجمة برقم ٢٩٠٦ في المطبوعة. انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ١٥ / ٩٦. والأنساب ، للسمعاني ٢ / ٥١.