أهدى الردى للثرى إذ نال مهجته |
|
نجما على من يعادي الحق مصبوبا |
كان الزمان به تصفو مشاربه |
|
فالآن أصبح بالتكدير مقطوبا |
كلا وأيامه الغر التي جعلت |
|
للعلم نورا وللتقوى محاريبا |
لا ينسري الدهر عن شبه له أبدا |
|
ما استوقف الحج بالأنصاب أركوبا |
أوفى بعهد وأورى عند مظلمة |
|
زندا وآكد إبراما وتأديبا |
منه وأرصن حلما عند مزعجة |
|
تغادر القلّبيّ الذهن منخوبا |
إذا انتضى الرأي في إيضاح مشكلة |
|
أعاد منهجها المطموس ملحوبا |
لا يعزب الحلم في عتب وفي نزق |
|
ولا يجرع ذا الزلات تثريبا |
لا يولج اللغو والعوراء مسمعه |
|
ولا يفارق ما يغشيه تأنيبا |
إن قال قاد زمام الصدق منطقه |
|
أو آثر الصمت أولى النفس تهييبا |
لقلبه ناظرا تقوى سما بهما |
|
فأيقظ الفكر ترغيبا وترهيبا |
تجلو مواعظه رين القلوب كما |
|
يجلو ضياء سنا الصبح الغياهيبا |
سيان ظاهره البادي وباطنه |
|
فلا تراه على العلات مجدوبا |
لا يأمن العجز والتقصير مادحه |
|
ولا يخاف على الإطناب تكذيبا |
ودّت بقاع بلاد الله لو جعلت |
|
قبرا له فحباها جسمه طيبا |
كانت حياتك للدنيا وساكنها |
|
نورا فأصبح عنها النور محجوبا |
لو تعلم الأرض ما وارت لقد خشعت |
|
أقطارها لك إجلالا وترحيبا |
كنت المقوّم من زيغ ومن ظلع |
|
وفّاك نصحا وتسديدا وتأديبا |
وكنت جامع أخلاق مطهرة |
|
مهذبا من قراف الجهل تهذيبا |
فإن تنلك من الأقدار طالبة |
|
لم يثنها العجز عما عزّ مطلوبا |
فإن للموت وردا ممقرا فظعا |
|
على كراهته لا بدّ مشروبا |
إن يندبوك فقد ثلّث عروشهم |
|
وأصبح العلم مرثيا ومندوبا |
ومن أعاجيب ما جاء الزمان به |
|
وقد يبين لنا الدهر الأعاجيبا |
أن قد طوتك غموض الأرض في لحف |
|
وكنت تملأ منها السهل واللوبا |
كان ضابطا متقنا حافظا ، كثير السماع والرحلة ، جمع المسندين على الرجال
__________________
(١) ٥٩٠ ـ انظر : المنتظم لابن الجوزي ١٣ / ٢٥٤ ، والأنساب للسمعاني ١٠ / ٢٧١.