الحسين محمّد بن سليمان الجوهريّ البصريّ المعروف بجوذاب. قال : قدم أبو العيناء واسمه محمّد بن القاسم بن خلاد أبو عبد الله اليمامي ـ بالبصرة في سنة ثمانين ومائة فنزل دار الحريثي في سكة ابن سمرة ، فكنا نصير إليه نجالسه ونسمع كلامه ، ونكتب ما يجري في المجلس من أخباره : فسأله رجل فقال : يا أبا عبد الله كيف كنيت أبا العيناء؟ قال قلت لأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاريّ يا أبا زيد كيف تصغر عينا؟ فقال عيينا يا أبا العيناء فلحقت بي منذ ذاك.
حدّثنا محمّد بن أحمد بن رزق البزّاز وأبو الفرج أحمد بن عمر المعدّل وأبو العلاء محمّد بن الحسن الورّاق قالوا أنبأنا أحمد بن كامل القاضي نبأنا أبو العيناء محمّد بن القاسم. قال : أتيت عبد الله بن داود الخريبي فقال : ما جاء بك؟ قلت : الحديث ، قال اذهب فتحفظ القرآن. قال قلت : قد حفظت القرآن قال اقرأ : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ) [يونس ٧١] فقال : فقرأت العشر حتى أنفدته ، قال فقال لي : اذهب الآن فتعلم الفرائض ، قال قلت قد تعلمت الصلب والجد والكبر (١) قال فأيما أقرب إليك؟ ابن أخيك أو ابن عمك؟ قال قلت ابن أخي. قال : ولم؟ قال قلت لأن أخي من أبي وعمي من جدي. قال اذهب الآن فتعلم العربية ، قال قلت علمتها قبل هذين. قال فلم قال عمر بن الخطّاب ـ يعني حين طعن ـ يال الله يال المسلمين ، لم فتح تلك وكسر هذه؟ قال قلت : فتح تلك اللام على الدعاء وكسر هذه على الاستغاثة والاستنصار قال فقال : لو حدثت أحدا حدثتك. واللفظ لأبي الفرج.
أخبرني الحسين بن علي الصّيمريّ حدّثنا محمّد بن عمران بن موسى الكاتب حدّثني علي بن محمّد الورّاق قال حدّثني علي بن سليمان الأخفش قال سمعت أبا العيناء يقول : كنت في أيام الواثق مقيما بالبصرة فكنت يوما في الورّاقين بها إذ رأيت مناديا مغفلا في يده مصحف مخلق الأداة ، فقلت له : ناد عليه بالبراءة مما فيه ـ وأنا أعني به أداته ـ فأقبل المنادي ينادي بذلك فاجتمع أهل السوق والمارة على المنادي وقالوا له : يا عدو الله تنادي على مصحف بالبراءة مما فيه؟ قال : وأوقعوا به ، فقال لهم : ذلك الرجل القاعد أمرني بذلك قال فتركوا المنادي وأقبلوا إلى وتجمعوا علي ورفعوني إلى الوالي وعملوا علىّ محضرا وكتب في أمري إلى السلطان ، فأمر بحملي فحملت مستوثقا مني ، قال واتصل خبري بأبي عبد الله بن أبي دؤاد ، فتكفل بأمري والفحص
__________________
(١) هكذا في الأصل.