ليخلطوا و (دِينَهُمْ) ما كانوا عليه من دين إسماعيل حتى زلوا عنه إلى الشرك. وقيل (دِينَهُمْ) الذي وجب أن يكونوا عليه. وقيل : معناه وليوقعوهم في دين ملتبس. وقرأ النخعي (وَلِيَلْبِسُوا) بفتح الياء. قال أبو الفتح : استعارة من اللباس عبارة عن شدة المخالطة واللام متعلقة ب (زَيَّنَ). وقال الزمخشري : إن كان التزيين من الشياطين فهي على حقيقة التعليل ، وإن كان من السدنة فعلى معنى الصيرورة.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ) الظاهر عود الضمير على القتل لأنه المصرّح به والمحدّث عنه والواو في (فَعَلُوهُ) عائد على الكثير. وقيل : الهاء للتزيين والواو للشركاء. وقيل : الهاء للبس وهذا بعيد. وقيل : لجميع ذلك إن جعلت الضمير جار مجرى الإشارة وهذه الجملة ردّ على من زعم أنه يخلق أفعاله. وقال الزمخشري : (وَلَوْ شاءَ اللهُ) مشيئة قسر ؛ انتهى ، وهو على مذهبه الاعتزالي.
(فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ) أي ما يختلقون من الإفك على الله والأحكام التي يشرعونها وهو أمر تهديد ووعيد.
(وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ) أعلم تعالى بأشياء مما شرعوها وتقسيمات ابتدعوها والتزموها على جهة الفرية والكذب منهم على الله ، أفردوا من أنعامهم وزروعهم وثمارهم شيئا وقالوا : هذا حجر أي حرام ممنوع. وقرأ أبان بن عثمان : نعم على الإفراد. وقرأ باقي السبعة بكسر الحاء وسكون الجيم والحجر بمعنى المحجور كالذبح والطحن يستوي في الوصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث ، لأن حكمه حكم الأسماء غير الصفات قاله الزمخشري. وقرأ الحسن وقتادة والأعرج بضم الحاء وسكون الجيم. وقال القرطبي : قرأ الحسن وقتادة بفتح الحاء وإسكان الجيم ، وعن الحسن أيضا (حِجْرٌ) بضم الحاء. وقرأ أبان بن عثمان وعيسى بن عمر بضم الحاء والجيم ، وقال هارون : كان الحسن يضم الحاء من (حِجْرٌ) حيث وقع إلا وحجرا محجورا فيكسرها وقرأ أبيّ وعبد الله وابن عباس وابن الزبير وعكرمة وعمرو بن دينار والأعمش حرج بكسر الحاء وتقديم الراء على الجيم وسكونها ، وخرج على القلب فمعناه معنى (حِجْرٌ) أو من الحرج وهو التضييق (لا يَطْعَمُها) لا يأكلها (إِلَّا مَنْ نَشاءُ) وهم الرجال دون النساء ، أو سدنة الأصنام (بِزَعْمِهِمْ) أي بتقولهم الذي هو أقرب إلى الباطل منه إلى الحق.
(وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها) هي البحائر والسوائب والحوامي وتقدّم تفسيرها في المائدة.