الغم ويذهب الشجاعة والبنج والسيكران كالورق في الضرر وأما المرقدات كالزعفران والمازريون فالقدر المضر منها حرام ، وقال جمهور الأطباء : إذا استعمل من الزعفران كثير قتل فرحا ؛ انتهى ، وفيه بعض تلخيص.
وقال أبو بكر الرازي في قوله : (عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ) دلالة على أن المحرّم من الميتة ما يتأتى فيه الأكل منها وإن لم يتناول الجلد المدبوغ ولا القرن ولا العظم ولا الظلف ولا الريش ونحوها ، وفي قوله : (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) دلالة على أن دم البق والبراغيث والذباب ليس بنجس ؛ انتهى (أَوْ فِسْقاً) الظاهر أنه معطوف على المنصوب قبله سمى ما أهلّ لغير الله به فسقا لتوغله في باب الفسق ومنه (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) وأنه لفسق و (أُهِلَ) صفة له منصوبة المحل وأجاز الزمخشري أن ينتصب (فِسْقاً) على أنه مفعول من أجله مقدم على العامل فيه وهو (أُهِلَ) لقوله :
طربت وما شوقا إلى البيض أطرب
وفصل به بين (أَوْ) و (أُهِلَ) بالمفعول له ويكون أو (أُهِلَ) معطوفا على (يَكُونَ) والضمير في (بِهِ) يعود على ما عاد عليه في (يَكُونَ) وهذا إعراب متكلف جدا وتركيب على هذا الإعراب خارج عن الفصاحة وغير جائز في قراءة من قرأ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً) بالرفع فيبقى الضمير في (بِهِ) ليس له ما يعود عليه ، ولا يجوز أن يتكلف محذوف حتى يعود الضمير عليه فيكون التقدير أو شيء (أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) لأن مثل هذا لا يجوز إلا في ضرورة الشعر.
(فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) تقدّم تفسير مثل هذا ولما كان صدر الآية مفتتحا بخطابه تعالى بقوله : (قُلْ لا أَجِدُ) اختتم الآية بالخطاب فقال : (فَإِنَّ رَبَّكَ) ودلّ على اعتنائه به تعالى بتشريف خطابه افتتاحا واختتاما.
(وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) مناسبة هذه لما قبلها أنه لما بين أن التحريم إنما يستند للوحي الإلهي أخبر أنه حرّم على بعض الأمم السابقة أشياء ، كما حرّم على أهل هذه الملة أشياء مما ذكرها في الآية قبل فالتحريم إنما هو راجع إلى الله تعالى في الأمم جميعها وفي قوله : (حَرَّمْنا) تكذيب اليهود في قولهم : إن الله لم يحرم علينا شيئا وإنما حرمنا على أنفسنا ما حرمه إسرائيل على نفسه. قال ابن عباس ومجاهد وابن جبير وقتادة والسدّي : هي ذوات الظلف كالإبل والنعام وما ليس بذي أصابع منفرجة كالبط والإوز ونحوهما ، واختاره الزجاج. وقال ابن زيد : هي الإبل خاصة وضعف هذا التخصيص.