وقبل المغرب ركبنا من عنده ، وأعطانا كلاما أنه بالغد سيحضر إلى عندنا. ولما كان الغد قبل الظهر حضر حمود عندنا وبصحبته ابن أخيه صقر الذي أتينا على ذكره ، وابنه وولده الذي يبلغ عمره سبع عشرة سنة اسمه تامر ، ونحو عشر رجال مسنين من خواص قبيلته ، ونحو ماية خيال لا غير. فترحبنا بهم ، وبعد شرب (١) القهوة عملنا خلوة وقرأنا له الورقة وأفهمناه معناها جيدا. وصار تفاوض وكلام كثير ورضي بجميع محتوياتها ، وأعطى كلاما ثابتا ووضع ختمه واسمه على تلك الورقة ، وصار فرح عظيم واتحاد ومحبة شديدة. وبعد الغداء ، قبل المغرب ، ركب وتوجه إلى بيته.
ومن هناك رحلنا ونزلنا بقرب نهر () (٢) ، وهو نهر عظيم ، وعليه دائما أناس بالفلائك ليقطع النهر من يريد بالاجرة. فبعد وصولنا بيوم ، حضر واحد بدوي من نواحي بلاد نجد على هجين. وقد جاء خصوصيا من عند أمير يقال له علي ابن أعواد وقبيلته يقال لها الخرصة (٣). وبصحبته مكتوب من المذكور إلى الدريعي ، لأنه صديقه الحميم. فقرأنا المكتوب وكان بهذه اللفظات :
السلام من علي ابن اعواد إلى الدريعي ابن شعلان. والثاني الذي بعلمك ، أعلمك ١ / ٥٦ الله علوم الخير يا وجه الخير ، نعرفك أن / نهار أمس حضر طروش من ناحية الدّرعيّة (٤) وأخبرونا أن ابن سعود زعلان كثيرا منك بسبب الأفعال التي تفعلها ضده. وجميع ما عملته صار معلوما عنده ، وقد فهم أن حكاية الرباط والشروط الذي فيه موجهة ضده ، والآن قد عزم على أن يكون ضدك وينفي ذكرك وذكر من يتحد معك من على وجه الأرض. وقد أوعز إلى كاخيته (٥) ومعتمده عبد الله الهدّال بذلك ، وأمر كافة العربان أن يكونوا تحت طاعته لأجل خرابك وخراب من يرتبط معك. وقد ابتدأ الآن عبد الله الهدال يأخذ التدابير اللازمة لذلك ، وكل بلاد الدرعية ونجد متقلقلة من ذلك ، وتريد كسر شأنك وتنكيس أعلامك ، لأن ابن سعود وكامل العربان فهموا جيدا أن هذا التدبير والرباط مع
__________________
(١) «شرف» ، ولعله من خطأ النسخ.
(٢) بياض في الأصل ، ويذكر الصائغ بعد قليل اسم هذا النهر فيقول الساجور ، والواقع أن الساجور يصب في الفرات قرب جرابلس ، إنما يريد الخابور.
(٣) «الخرسا» ؛ والخرصة من الفدعان من عنزة.
(٤) «الضرعية».
(٥) كدخدار أو كاخيا كلمة تركية تشير إلى موظف كبير يعتمد عليه القائم بالأمر في المهمات.