لم يفطر إن لم يفسد صومه ، فجعلوا الظن قسيما للوهم ، فجمعه هنا بين الوهم والظن ، في نقل كلامهم ، إشارة إلى أن المراد من الوهم في كلامهم أيضا الظن ، إذ لا يجوز الإفطار مع ظن عدم الدخول قطعا ، واللازم منه وجوب الكفارة ، وإنما يقتصر على القضاء لو حصل الظن ثم ظهرت المخالفة ، وإطلاق الوهم على الظن صحيح أيضا ، لأنه أحد معانيه لغة ، لكن يبقى في كلامهم سؤال الفرق بين المسألتين حيث حكموا مع الظن بأنه لا إفساد ، إلا أن يفرق بين مراتب الظن فيراد من الوهم أول مراتبه ، ومن الظن قوة الرجحان ، وبهذا المعنى صرح
______________________________________________________
ـ قبل مراعاة الفجر مع القدرة ـ إلى أن قال ـ والإفطار للظلمة الموهمة دخول الليل ، فلو غلب على ظنه لم يفطر) ، وأشكل على عبارة الأصحاب بأنه إذا أريد من الوهم معناه الاصطلاحي فالحكم بالقضاء في محله لكن الحكم بعدم الكفارة مشكل ، وإن أريد من الوهم الظن كما هو أحد معانيه فما الفرق بين صدر العبارة وذيلها حتى يحكم في الأول بالقضاء وفي الأخير بعدمه.
وحاول الشهيد في بعض تحقيقاته رفع الإشكال بأن المراد من الوهم في عبارتهم هو الظن ، والفرق أنه أريد من الوهم الظن لا لأمارة شرعية ، ومن الظن في ذيل العبارة الظن لأمارة شرعية ، وهو على خلاف ظاهر العبارة على أن الظن المجوّز للإفطار لا يفرق فيه بين أسبابه.
وقيل : إن مرادهم من الوهم أول مراتب الظن ومن الظن في ذيل العبارة غلبة الظن كما صرح المحقق في الشرائع بقوله (فلو غلب على ظنه) : وفيه : إن مراتب الظن غير منضبطة إذ ما من ظن إلا وفوقه ما هو أقوى منه ، ودونه ما هو أدنى منه لاختلاف الأمارات الموجبة له.
وأراد الشارح أن يرفع التناقض عن عبارة المصنف من أنه جمع بين الوهم والظن إشارة منه إلى أن المراد من الوهم في عبارات الأصحاب هو الظن ، وفيه : إن الذي أريد منه الظن هو الوهم في عبارات الأصحاب المذكور مع الظن بحيث كان لكل واحد حكم ، والمصنف جمع بينهما وجعل لهما حكما واحدا.
ويمكن الفرق بأن الظلمة الموهمة أي الظلمة الموجبة للظن عند النوع وإن لم يحصل منها ظن عند المكلف فلو أفطر من دون ظن بالدخول فعليه القضاء ، ولو أفطر مع ظنه بالدخول الناشئ من الظلمة الموهمة فلا قضاء ، ويبقى الإشكال على عبارات الأصحاب من أنه مع الظلمة الموهمة من دون توريثها للظن عند المكلف فعليه القضاء والكفارة.