لأن جعله (١) عبادة واحدة يقتضي عدم جواز تفريق النية على أجزائها (٢) ، خصوصا عند المصنف فإنه قطع بعدم جواز تفريقها على أعضاء الوضوء (٣) ، وإن نوى الاستباحة المطلقة ، فضلا عن نيتها لذلك العضو. نعم من فرق بين العبادات وجعل بعضها مما يقبل الاتحاد والتعدد كمجوز تفريقها في الوضوء يأتي عنده هنا الجواز ، من غير أولوية ، لأنها (٤) تناسب الاحتياط وهو منفي (٥) ، وإنما الاحتياط هنا الجمع ، بين نية المجموع ، والنية لكل يوم. ومثله (٦) يأتي عند المصنف في غسل الأموات ، حيث اجتزأ في الثلاثة بنية واحدة لو أراد الاحتياط بتعددها لكل غسل ، فإنه لا يتم إلا بجمعها ابتداء. ثم النية للآخرين (٧).
(ويشترط في ما عدا شهر رمضان التعيين) (٨) لصلاحية الزمان ولو بحسب
______________________________________________________
ـ وهو مدفوع : لأن أجزاء العبادة هنا منفصلة بعضها عن بعض فلا يبطل صوم بعضها ببطلان البعض الآخر.
(١) أي جعل الشهر.
(٢) أي أجزاء العبادة الواحدة.
(٣) فرق فارق بين الوضوء وشهر رمضان بالنسبة إلى أجزائهما كما هو واضح.
(٤) أي الأولوية تناسب الاحتياط ، وأولوية التعدد على الواحدة لأنه لا خلاف في التعدد.
(٥) أي الاحتياط القاضي بالتعدد ، لأن الاحتياط يقتضي الجمع كما قال الشارح ، وفيه : إن وجه الأولوية ليس ناشئا من احتياط التعدد ، بل لاحتمال أن لا يكون الشهر عبادة واحدة بل هو المظنون ظنا قويا ، والأمر به في الآية المتقدمة منحل إلى أوامر بعدد أيام الشهر بدليل أن صوم يوم لا يضره بطلان صوم في يوم آخر.
هذا فضلا عن أن قياس الوضوء ونظائره ، على شهر رمضان ليس في محله.
(٦) أي ومثل هذه الاحتياط بالجمع ، الاحتياط في نية غسل الميت ، فإنه يقتضي الإتيان بنية الجميع ، ابتداء ثم النية لكل غسل على حدة ، ولا يقتضي الاحتياط الإتيان بالنية لكل غسل فقط ترجيحا على الاكتفاء بالنية الواحدة ، وفيه : إن المصنف لم يصرح في شيء من كتبه بأن نية التعدد أولى من نية الواحد ، في غسل الأموات مع جعل الأولوية ناشئة من الاحتياط حتى يرد عليه هذا الإشكال ، بل غاية ما صرح باجتزاء الواحدة.
(٧) لأن نية الغسل الأول قد تحققت وعند نية الجميع ، وقد عرفت أن الاحتياط يقتضي نية للجميع ، ونية لكل غسل حتى الغسل الأول.
(٨) أما شهر رمضان فلا يشترط تعيينه ، لأن التعيين فرع قابلية المورد للترديد ، ولا يصح في ـ