وأصله التلذذ (١) سمّي هذا النوع به ، لما يتخلل بين عمرته وحجه من التحلل الموجب لجواز الانتفاع والتلذذ بما كان قد حرّمه الإحرام ، مع ارتباط عمرته بحجه حتى أنهما كالشيء الواحد شرعا ، فإذا حصل بينهما ذلك فكأنه حصل في الحج (وهو فرض من نأى) (٢) أي بعد (عن مكة بثمانية وأربعين ميلا من كل)
______________________________________________________
ـ والذي يظهر من النصوص أن المشروع في صدر الإسلام هو القران والإفراد ، وأن التمتع قد شرع في حجة الوداع ، ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام (إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين حج حجة الإسلام خرج في أربع بقين من ذي القعدة ، حتى أتى الشجرة فصلّى بها ، ثم قاد راحلته حتى أتى البيداء فأحرم منها ، وأهلّ بالحج وساق مائة بدنة ، وأحرم الناس كلهم بالحج لا ينوون عمرة ، ولا يدرون ما المتعة ، حتى إذا قدم رسول لله صلىاللهعليهوآلهوسلم مكة طاف بالبيت وطاف الناس معه ، ثم صلّى ركعتين عند المقام واستلم الحجر ، ثم قال : ابدأ بما بدأ الله عزوجل ، فأتى الصفا فبدأ بها ، ثم طاف بين الصفا والمروة سبعا ، فلما قضى طوافه عند المروة قام خطيبا فأمرهم أن يحلّوا ويجعلوها عمرة ، وهو شيء أمر الله عزوجل به ، فأحلّ الناس ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم ، ولم يكن يستطيع أن يحلّ من أجل الهدي الذي معه ، إن الله عزوجل يقول (وَلٰا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّٰى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) ، وقال سراقة بن مالك بن خثعم الكناني : يا رسول الله ، علمنا كأننا خلقنا اليوم ، أرأيت هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أو لكل عام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا بل للأبد ، وأن رجلا قام فقال : يا رسول الله نخرج حجاجا ورءوسنا تقطر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنك لن تؤمن بهذا أبدا) (١) ، وكما عن الجواهر أنه عمر.
(١) وجه التسمية في الإفراد لانفصال الحج عن العمرة وعدم ارتباطه بها ، وأما القران فلاقتران الإحرام بسياق الهدي ، وأما التمتع فهو لغة التلذذ والانتفاع ، وإنما سمي هذا النوع بذلك لما يتخلل بين عمرته وحجه من التحلل المفضي لجواز الانتفاع والتلذذ بما كان قد حرّمه الإحرام قبله ، مع الارتباط بين الحج والعمرة وكونهما كالشيء الواحد فيكون التمتع الواقع بينهما كأنه حاصل في أثناء الحج.
(٢) بلا خلاف فيه ، لقوله تعالى : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ ، تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ ، ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب أقسام الحج حديث ١٤.