وقد أوجب المصنف وغيره (١) النية للتلبية أيضا وجعلوها مقدّمة على التقرب بنية الإحرام بحيث يجمع النيتين جملة ، لتحقق المقارنة بينهما (٢) كتكبيرة الإحرام لنية الصلاة ، وإنما وجبت النية للتلبية دون التحريمة لأن أفعال الصلاة متصلة حسا وشرعا فيكفي نية واحدة للجملة كغير التحريمة من الأجزاء ، بخلاف التلبية فإنها من حملة أفعال الحج وهي منفصلة شرعا وحسا ، فلا بد لكل واحد من نية. وعلى
______________________________________________________
ـ البيداء وحيث الميل ، فتحرمون كما أنتم في محاملكم تقول : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، لبيك عبقة بعمرة إلى الحج) (١) ، وخبر الأعمش عن الصادق عليهالسلام (وفرائض الحج : الإحرام والتلبيات الأربع وهي : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) (٢) ، ومثله غيره ، وهذا القول هو المتعين.
القول الثالث : أن يقول : لبيك اللهم لبيك ، لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك ، كما عن السيد في الجمل والشيخ في المبسوط وابن إدريس في السرائر وابن حمزة وابن زهرة وابن البراج ، بل جعله في المدارك هو المشهور بين الأصحاب ، وقال : (فلم أقف له على مستند مع شهرته بين الأصحاب ، وقد ذكره العلامة في المنتهى مجردا عن الدليل) ، وكذلك اعترف بذلك غيره.
القول الرابع : أن تقول : لبيك اللهم لبيك ، لبيك إن الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك لبيك) ، وهو الذي صرح به الماتن هنا واختاره العلامة في القواعد وابن سعيد في جامعه ، واعترف غير واحد بعدم الشاهد عليه.
(١) لم أعثر على هذا الفرع في كتب القوم ، نعم اشترط الشهيد في الدروس مقارنة التلبية لنية الإحرام وهو المنسوب إلى ابن إدريس والمحقق الثاني ، وأما اشتراط نية للتلبية غير نية الإحرام ، وأن تكون مقارنة للتلبية بجمعها مع نية الإحرام فلا أثر له في كتب القوم ، ولذا قال صاحب الجواهر بعد ما نقل كلام الشارح هنا : (ولا يخفى عليك خلو هذا الكلام من التحصيل ، بل هو خلاف ظاهر النص والفتوى ، ضرورة اقتصارهما في بيان كيفية الإحرام على ذكر نيته وأن يقول : لبيك ، ولبس الثوبين). انتهى.
(٢) أي بين التلبية ونية الإحرام.
__________________
(١) الوسائل أورد صوره في ـ ٣٤ ـ من أبواب الإحرام حديث ٣ ، وذيله في ـ ٤٠ ـ من أبواب الإحرام حديث ١.
(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب أقسام الحج حديث ٢٩.