هذا (١) فكان إفراد التلبية عن الإحرام وجعلها من جملة أفعال الحج أولى كما صنع في غيره (٢) ، وبعض الأصحاب جعل نية التلبية بعد نية الإحرام وإن حصل بها فصل (٣) ، وكثير منهم لم يعتبروا المقارنة بينهما مطلقا (٤). والنصوص خالية عن اعتبار المقارنة ، بل بعضها صريح في عدمها (٥).
ولبيك نصب على المصدر (٦) ، وأصله لبّا لك (٧) أي إقامة (٨) ، أو إخلاصا (٩) من لب بالمكان إذا أقام (١٠) به ، أو من لبّ الشيء وهو خالصه (١١). وثنيّ تأكيدا (١٢) أي إقامة بعد إقامة وإخلاصا بعد إخلاص ، هذا بحسب الأصل. وقد
______________________________________________________
(١) من توقف التلبية على نية غير نية الإحرام.
(٢) أي في الدروس ، ولكن في الدروس جعل الإحرام مشتملا على لبس الثوبين والنية والتلبيات الأربع والمقارنة ، ولم يفصل التلبية عن النية ويجعلها من أفعال الحج فراجع.
(٣) قد عرفت أن المشهور على الفصل بين نية الإحرام والتلبية وقد تقدم دليله ، وأن الذي اشترط المقارنة هو الشهيد في الدروس وابن إدريس والمحقق الثاني ، وأما الفصل بين نية الإحرام ونية التلبية فلا ذكر له في كلام الأصحاب.
(٤) سواء كانت المقارنة حقيقية أو عرفية ، والمراد هنا بين التلبية وبين نية الإحرام.
(٥) كصحيح معاوية بن عمار ، وقد تقدم.
(٦) قال سيبويه : (انتصب لبيك على الفعل ، كما انتصب سبحان الله) ، وفي الصحاح : (نصب على المصدر كقولك : حمدا لله وشكرا ، وكان حقه أن يقال : لبا لك).
(٧) قال في القاموس : (ألبّ أقام كلبّ ، ومنه لبيك ، أي أنا مقيم على طاعتك إلبابا بعد إلباب وإجابة بعد إجابة ، أو معناه اتجاهي وقصدي لك من داري ، تلبّ داره أي تواجهها ، أو معناه محبتي لك من امرأة لبّة ، محبّة لزوجها ، أو معناه إخلاصي لك من حسب لباب خالص).
(٨) حكي عن الخليل وأنشد له : لبّ بارض ما تخطاها الغنم ، ومنه قول طفيل :
رددن حصينا من عدي ورهطه |
|
وتيم تلبي في العروج وتحلب |
(٩) فيكون معنى لبيك : إخلاصي لك ، وهو الذي نقل في القاموس ، واحتمله جماعة وأنشدله:
وكنتم كأم لبّة طعن ابنها |
|
إليها فما ردت عليه بساعد |
(١٠) على المعنى الأوّل.
(١١) على المعنى الثاني.
(١٢) إي البابا لك بعد الباب والإلباب هو الإقامة ، أي إقامة على طاعتك بعد إقامة ، هذا وفي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام (وأول من لبّى إبراهيم عليهالسلام قال : إن