إلى الله ، ونصرة دينه ، في أي من الظروف والأحوال.
وقد تقدمت ـ عند البحث عن عملية بناء المسجد ـ الإشارة إلى واقع وجود الفوارق الكبيرة بين المهاجرين أنفسهم ، والأنصار أنفسهم ، والمهاجرين والأنصار معا ـ الفوارق ـ الاجتماعية ، والقبلية ، والثقافية ، والنفسية ، والعاطفية ، وحتى العمق العقيدي ومستوى الالتزام ، فضلا عما سوى ذلك ، هذا بالإضافة إلى الظروف النفسية والمعيشية التي كان يعاني منها المهاجرون بالخصوص.
ومع ملاحظة حجم التحدي ، الذي كان يواجه هذا المجتمع الناشئ الجديد ، سواء في الداخل : من الخلافات بين الأوس والخزرج ، الذين كان الكثيرون منهم لا يزالون على شركهم ، ثم من المنافقين ، ومن يهود المدينة.
ومن الخارج : من اليهود ، والمشركين في جزيرة العرب ، بل والعالم بأسره.
ومع الأخذ بنظر الاعتبار عظم المسؤولية التي يتحملها هذا المجتمع في صراعه من أجل إقامة هذا الدين الجديد والدفاع عنه.
مع ملاحظة كل ذلك ، وحيث أصبح من المفترض بهذا المجتمع أن يكون بمثابة كتلة واحدة متعاضدة ، ومترابطة ، بعد أن كانوا أحزابا وجماعات وأفرادا فكان لا بد من إيجاد روابط وثيقة تشد هذا المجتمع بعضه إلى بعض ، وبناء عواطف راسخة ، قائمة على أساس عقيدي ، تمنع من الإهمال ومن الحيف على أي فرد من أفراد هذا المجتمع الجديد بحيث يكون الكل مشمولين بالرعاية التامة ، التي تجعلهم يعيشون الحب والحنان بأسمى وأجل معانيه ، كما أنها تمنع من ظهور تلك الرواسب النفسية ، والعقد التاريخية ـ بل وتقضي عليها تدريجا ـ بين أفراد هذا المجتمع ، الذي أصبح