يذكرونه من أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يؤاخي بين كل رجل ونظيره كما تقدم.
وكان أبو ذر أكثر مشاكلة لسلمان من أبي الدرداء له ؛ فإن سلمان يؤكد على أنه لا بد من الوقوف إلى جانب القرآن ، إذا اقتتل القرآن والسلطان ، كما أن أبا ذر قد كان له موقف عنيف من السلطة ، حينما وجد أنها تسير في خط انحرافي خطير ، فكان أن اتخذ جانب الحق ، وأعلن إدانته للانحراف بصورة قاطعة ، كما أنه هو وسلمان قد كان لهما موقف منسجم من أحداث السقيفة ونتائجها .. (١).
أما أبو الدرداء. فقد أصبح من وعاظ السلاطين ، وأعوان الحكام المتسلطين ، حتى لنجد معاوية ـ كرد للجميل ـ يهتم بمدحه وتقريظه والثناء عليه (٢).
كما أن أبا الدرداء ـ حسبما تقدم ـ يكتب لسلمان يدعوه إلى الأرض المقدسة ، وهي الشام بزعمه ، وليس مكة ، والمدينة! فاقرأ واعجب ؛ فإنك ما عشت أراك الدهر عجبا.
ويكفي أن نذكر : أن يزيد بن معاوية قد مدح أبا الدرداء ، وأثنى عليه (٣) ، كما أن معاوية قد ولاه دمشق (٤).
__________________
(١) راجع كتابنا : سلمان الفارسي في مواجهة التحدي.
(٢) طبقات ابن سعد ط ليدن ج ٢ قسم ٢ ص ١١٥.
(٣) تذكرة الحفاظ ج ١ ص ٢٥.
(٤) الإستيعاب بهامش الإصابة ج ٣ ص ١٧ وج ٤ ص ٦٠ ، والإصابة ج ٣ ص ٤٦ ، والتراتيب الإدارية ج ٢ ص ٤٢٦ و ٤٢٧.