الله «صلى الله عليه وآله» بين سلمان وأبي ذر ، واشترط على أبي ذر : أن لا يعصي سلمان (١).
وواضح أن ذلك يعني : أن طاعة أبي ذر لسلمان لم تكن : إلا لأنها توصل إلى الحق ، وتؤدي إلى الاحتفاظ به ، والحفاظ عليه ، ولأنه يمثل الوعي الرسالي الرائد في أعلى مستوياته ، ويدعم هذا الوعي ويحميه ، ويرفده إيمان ثر ، وعقيدة راسخة ، توجه الفكر والرأي والوعي ، وكل الحركات نحو الهدف الأسمى ، والمبدأ الأعلى ، لتعيش في ظلاله ، وتفنى كلها فيه بكل ما لهذه الكلمة من معنى.
فإن الإيمان عشر درجات ، وسلمان كان في العاشرة ، وأبو ذر في التاسعة ، والمقداد في الثامنة (٢).
وإن إطاعة أبي ذر لسلمان لتعطينا : أن الميزان والمقياس في الطاعة ليس إلا ذلك الذي أشرنا إليه ، واعتبره القرآن وسيلة لنيل التقوى واليقين : حين قال تعالى :
(هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)(٣).
و (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)(٤).
و (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ)(٥).
__________________
(١) روضة الكافي ص ١٦٢.
(٢) قاموس الرجال ج ٤ ص ٤٢٣ عن الخصال للصدوق.
(٣) الآية ٩ من سورة الزمر.
(٤) الآية ٢٨ من سورة فاطر.
(٥) الآية ١٣ من سورة الحجرات.