يعتبرها وسيلة إلى هدفه الأسمى ، وغايته الفضلى ، وإذا رأى نفسه يتصرف منسجما مع هدفه ، ومع نظرته ؛ فإنه سوف يرتاح ، وينشرح لذلك ، فكانت هذه الكنية من النبي «صلى الله عليه وآله» له بمثابة إعلام له : بأنه سوف يبقى في مواقفه وتصرفاته محتفظا بالخط المنسجم مع أهدافه ، وأنه لسوف يبقى مستمرا في وضعه للدنيا في موضعها الذي يليق بها ، ولن تغره بزبارجها وبهارجها ، ولن يبتلي بالتناقض بين مواقفه وتصرفاته ، وبين ما يدعي أنه هدف له ، فمن أجل ذلك كانت هذه الكنية أحب كناه إليه «عليه السلام».
وأما الأمويون ، الذين كانوا يعيرونه «عليه السلام» بها ، فقد كان موقفهم أيضا منسجما مع نظرتهم ومع ما يعتبرونه من القيم لهم ، فإن غايتهم وهدفهم هو الدنيا ، وعلى أساس وجدانها وفقدانها يقيّمون الأشخاص والمواقف ، فيحترمون أو يحتقرون.
وإذا كان علي أبا تراب ، ولا يهتم بالدنيا ، ولا يسعى لأن ينال منها إلا ما يحفظ له خيط حياته ، انطلاقا من الواجب الشرعي ، ويبلغه إلى أهدافه التي رسمها الله سبحانه له ، فإن بني أمية سوف يرونه فاقدا للعنصر الأهم الذي يكون به المجد الباذخ ، والكرامة والسؤدد بنظرهم ، ويصبح من الطبيعي أن يعيروه بكنية من هذا القبيل ، فإن ذلك هو الذي ينسجم كل الانسجام مع غاياتهم ونظرتهم تلك التي تخالف الدين والقرآن ، ولا تنسجم مع الفطرة السليمة والمستقيمة.