بدر ، شق على بعضهم ؛ فنزل قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى)(١).
ونحن نقول : إن نفسية المقداد ومواقفه تأبى أن يكون ممن شق عليهم ذلك ؛ بدليل موقفه العظيم الآتي بعد صفحات يسيرة إن شاء الله ، حينما استشار النبي «صلى الله عليه وآله» أصحابه في حرب قريش.
أضف إلى ذلك : أن الآية تدل على أن هؤلاء قد خافوا وجبنوا عن القتال ، وكانت خشيتهم وخوفهم من الناس أشد منها بالنسبة إلى الله سبحانه ، وأن ذلك كان لأجل حب البقاء ، وللتمتع بالدنيا.
ونحن نعلم : أن المقداد لم يكن جبانا قط ، ولا كان من محبي البقاء في الدنيا على حساب الدين والإسلام ، وتلك هي حياته وسيرته خير شاهد على ما نقول.
كما أن الرواية والآية تدلان على أن فريقا من أولئك المذكورين أولا قد شق ذلك عليهم ، وليس الكل.
وأما من عدا المقداد ممن ذكرت الرواية أسماءهم ، فإن تعلقهم بالدنيا كما يظهر من سيرة حياتهم ومواقفهم المختلفة ، يؤيد أن يكونوا ممن شق
__________________
(١) البحار ج ١٩ ص ٢٠٩ ومجمع البيان ج ٣ ص ٧٧ والدر المنثور ج ٢ ص ١٨٤ عن : النسائي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، وصححه ، والبيهقي في سننه ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر.