الغزوات ، ولسوف نتحدث فيما يأتي في غزوة أحد في فصل : قبل نشوب الحرب إن شاء الله تعالى ، عن موضوع استشارة النبي «صلى الله عليه وآله» لأصحابه بما فيه الكفاية.
ولكننا نكتفي هنا بالإشارة إلى أنه قد كان من الضروري أن يستشير «صلى الله عليه وآله» أصحابه في حرب بدر التي كانت حربا مصيرية ، سوف يتقرر على أساس نتائجها مصير الإيمان والشرك في المنطقة في المستقبل المنظور على الأقل ، بل ومطلقا كما أشار إليه «صلى الله عليه وآله» في دعائه : «اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد».
وواضح : أنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن بحاجة إلى رأيهم ، وإنما هو يستشيرهم لأنهم هم الذين سوف يتحملون أعباء الحرب ، ويعانون من نتائجها ، على مختلف الأصعدة.
ثم إنه يستخرج بذلك دخائل نفوسهم ، ويتميز المنافق من المؤمن ، والجبان من الشجاع ، والذي يفكر في مصلحة نفسه من الذي يفكر من منطلق التكليف الشرعي ، ويعرف أيضا الذكي من الغبي ، والعدو من الولي ، والضعيف من القوي إلى غير ذلك مما هو ظاهر لا يخفى.
ويدل على ما نقول : أن سعد بن معاذ يسأل النبي «صلى الله عليه وآله» : لعلك خرجت على أمر قد أمرت بغيره؟
فقال «صلى الله عليه وآله» : نعم.
فهذا يدل على أن أمر الحرب مقضي ومأمور به من قبل الله تعالى ؛ فليست استشارته «صلى الله عليه وآله» لهم إلا لما قلناه هنا ، وقدمناه ، وسيأتي في غزوة أحد.