«صلى الله عليه وآله» :
«كان إذا حضر البأس ، ودعيت نزال ، قدم أهل بيته ، فوقى بهم أصحابه ، فقتل عبيدة يوم بدر ، وحمزة يوم أحد ، وجعفر يوم مؤتة الخ ..» (١).
ونقول :
إنه حين يبدأ الرسول «صلى الله عليه وآله» الحرب بأهل بيته فإنه يكون قد أثبت بالفعل لا بالقول فقط ، للأنصار وللمهاجرين : أنه ليس فقط لا يريد أن يجعلهم وسيلة للوصول إلى أهدافه ، ويدفع بهم الخطر عن نفسه وأهل بيته ، وإنما ثمة هدف أسمى ، لا بد أن يساهم الجميع في العمل من أجله وفي سبيله. وهو «صلى الله عليه وآله» شريك لهم في كل شيء ، في السراء والضراء ، والشدة والرخاء. وهو يضحي ويقدم قبل أن يطلب ذلك من غيره ، بل هو يحاول أن يدفع عن غيره ، ولو بأهل بيته ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
وذلك هو ما يجب أن يكون المثل الأعلى لكل صاحب هدف ، ولكل سياسي وقائد. فإن عليه أن يقدم هو أولا التضحيات فإذا احتاج إلى معونة غيره ، فإن طلبه منهم تكون له مبرراته ، ويراه كل أحد : أنه صادق ومحق في طلبه ذاك. وليس له أبدا أن يجلس في برجه العاجي ، ثم يصدر أوامره للآخرين ، دون أن يرى نفسه مسؤولا عن التحرك في اتجاه الهدف إلا في
__________________
(١) أنساب الأشراف ج ٢ ص ٨١ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٧٧ ، وكتاب صفين لنصر بن مزاحم ص ٩٠ ، ونهج البلاغة باب الكتب الكتاب التاسع ، والعقد الفريد ج ٤ ص ٣٣٦ ، ومناقب الخوارزمي ص ١٧٦ ، ونهج البلاغة ج ٣ ص ١٠ و ١١.