وقد أنكرت عائشة قول النبي «صلى الله عليه وآله» : لقد سمعوا ما قلت.
وقالت : إنما قال : لقد علموا ، واحتجت لذلك بقوله تعالى : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) الآية.
وبقوله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ)(١).
في البخاري عن قتادة : إن الله رد إليهم أرواحهم فسمعوا ؛ وبهذا أجاب البيهقي (٢).
ونقول : إنه لو ثبت ما ذكره قتادة وصح ؛ فلا مانع من أن يكون معجزة لسيد المرسلين محمد «صلى الله عليه وآله الطاهرين».
وأجاب الحلبي : بأنه لا مانع من إبقاء السمع على حقيقته ، لأنه إذا قوي تعلق أرواحهم بأجسادهم أمكنهم أن يسمعوا بحاسة سمعهم ، لبقاء محل تلك الحاسة.
والسماع المنفي في الآيتين هو السماع النافع ، وقد أشار السيوطي إلى ذلك فقال :
سماع موتى كلام الله قاطبة |
|
جاءت به عندنا الآثار في الكتب |
وآية النفي معناها سماع هدى |
|
لا يقبلون ولا يصغون للأدب |
لأنه تعالى شبه الكفار الأحياء بالأموات في القبور في عدم انتفاعهم بالإسلام النافع (٣).
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٨٢ ، وليراجع : مسند أحمد ج ٢ ص ٣١ و ٣٨ ، وغير ذلك.
(٢) راجع : البخاري باب غزوة بدر ، وليراجع : كلام المعتزلي في شرح النهج ج ١٤ ص ٢٧٩.
(٣) راجع السيرة الحلبية ج ٢ ص ٨٢.