النصف الآخر.
ومن هنا نجد قريشا لم تستطع أن تحب عليا وأهل بيته ، رغم أنها تتظاهر بالإسلام ، وتحاول الحصول على الامتيازات عن طريقه ، ورغم النصوص القرآنية والنبوية الآمرة بمحبتهم ومودتهم.
وقد أخرج الحاكم : أن العباس جاء إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» وهو مغضب ، فقال «صلى الله عليه وآله» : ما شأنك؟
فقال : يا رسول الله ، ما لنا ولقريش؟
فقال : ما لك ولهم؟
قال : يلقى بعضهم بعضا بوجوه مشرقة ، فإذا لقونا لقونا بغير ذلك.
قال : فغضب رسول الله «صلى الله عليه وآله» حتى استدر عرق بين عينيه ، فلما أسفر عنه ، قال : والذي نفس محمد بيده ، لا يدخل قلب امرء الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله إلخ (١).
ولقد شكى أمير المؤمنين «عليه السلام» من قريش : أنهم قطعوا رحمه ومالأوا عليه عدوه (٢) ـ كما سنشير إليه في واقعة أحد إن شاء الله تعالى ـ.
__________________
(١) مستدرك الحاكم ج ٣ ص ٣٣٣ وتلخيصه للذهبي بهامش نفس الصفحة ، وراجع مجمع الزوائد ج ٩ ص ٢٦٩ ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٤٨٧ و ٤٨٨ عمن تقدم.
(٢) وإذ كانت الضربات متوجهة إلى القائد المعصوم ؛ فإنه يستطيع أن يتحمل ، وأن يصمد ، ويواجهها بالحكمة والروية وبما أوتيه من علم وعقل وصبر.
أما غيره فلربما يصعب عليه تحمل الصعاب ، أو اتخاذ الموقف المناسب لتجاوزها ؛ ولأجل هذا نجد النبي «صلى الله عليه وآله» كان يؤثر أن يكون علي «عليه السلام» هو المتعرض لقريش دون غيره.