أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ ..)(١).
قد علم : أنه ليس المقصود منه : أول الأيام كلها ؛ كما أنه لا يوجد لفظ ظاهر ، أضيف إليه لفظ : يوم ، فتعين إضافته إلى مضمر ، ولا يعقل قول القائل : فعلته أول يوم ، إلا بالإضافة إلى عام ، أو شهر ، أو تاريخ معلوم.
ولا قرينة هنا ، لا حالية ولا مقالية ، تدل إلا على تقدير : «من أول يوم حلول النبي «صلى الله عليه وآله» المدينة» ، وهو أول يوم من التاريخ.
وقول بعض النحاة : لا بد من تقدير : «من تأسيس أول يوم» ، لأن (من) لا تدخل على الزمان ، لا يصح ، لأنه حتى على هذا لا بد من تقدير الزمان أيضا ، فيقال : «من وقت تأسيس» ، فإضمار كلمة تأسيس لا يفيد شيئا ، هذا بالإضافة إلى أن كلمة (من) تدخل على الزمان ، وعلى غيره ، قال تعالى : (مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ). انتهى كلام السهيلي ملخصا (٢).
وقال الكتاني ما ملخصه : وقد عقب الحافظ في فتح الباري على كلام السهيلي هذا بقوله : كذا قال ، والمتبادر أن معنى قوله : من أول يوم ، أي دخل النبي «صلى الله عليه وآله» وأصحابه المدينة (٣).
لكن ابن منير يرى : أن كلام السهيلي هذا تكلف وتعسف ، وخروج عن تقدير الأقدمين الذين قدروه : «من تأسيس أول يوم» أي من أول يوم
__________________
(١) الآية ١٠٨ من سورة التوبة.
(٢) الروض الأنف ج ٢ ص ٢٤٦ ط سنة ١٩٧٢ ، وإرشاد الساري ج ٦ ص ٢٣٤ عنه ، وفتح الباري ج ٧ ص ٢٠٨ ـ ٢٠٩ عنه أيضا ، ووفاء الوفاء ج ١ ص ٢٤٨ ، وأشار إليه في البداية والنهاية ج ٣ ص ٢٠٧.
(٣) ليراجع فتح الباري ج ٧ ص ٢٠٩.