فيجافي بها عن ثوبه ، فإذا وضعها نفض كمه ، ونظر إلى ثوبه ، فإن أصابه شيء من التراب نفضه ، فنظر إليه علي بن أبي طالب ، فأنشأ يقول :
لا يستوى من يعمر المساجدا |
|
يدأب فيها قائما وقاعدا |
ومن يرى عن التراب حائدا |
فسمعها عمار بن ياسر ، فجعل يرتجز بها ، وهو لا يدري من يعني بها ، فمر بعثمان ، فقال : يا ابن سمية ، بمن تعرض ـ ومعه جريدة ـ فقال : لتكفن ، أو لأعترضن وجهك ، فسمعها النبي «صلى الله عليه وآله» ، وهو جالس في ظل بيت أم سلمة ـ وفي رواية : في ظل بيته ـ فغضب «صلى الله عليه وآله» ، ثم قال : إن عمار بن ياسر جلدة ما بين عيني وأنفي ، فإذا بلغ ذلك من المرء فقد بلغ ، ووضع يده بين عينيه.
فكف الناس عن ذلك ، ثم قالوا لعمار : إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد غضب فيك ، ونخاف أن ينزل فينا القرآن.
فقال : أنا أرضيه كما غضب.
فقال : يا رسول الله ، ما لي ولأصحابك؟
قال : ما لك ولهم.
قال : يريدون قتلي ، يحملون لبنة لبنة ، ويحملون على اللبنتين والثلاث.
فأخذ بيده ، فطاف في المسجد ، وجعل يمسح وفرته من التراب.
ويقول : يا ابن سمية ، لا يقتلك أصحابي ، ولكن تقتلك الفئة الباغية» (١).
__________________
(١) سيرة ابن هشام ج ٢ ص ١٤٢ ، تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٤٥ ، والأعلاق النفيسة ، ووفاء الوفاء ج ١ ص ٣٢٩ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٧٢ ، وقد ذكره في الغدير