قال أبو سليمان الخطابي :
قوله كذب أبو محمّد ، لم يذهب به إلى الكذب الذي هو الانحراف عن الصدق والتعمد للزور وإنما أراد أنه زل في الرأي وأخطأ في الفتوى ؛ وذلك أن حقيقة الكذب إنما تقع في الإخبار ، ولم يكن أبو محمّد في هذا مخبرا عن غيره ، وإنما كان مفتيا عن رأيه ، وقد نزّه الله أقدار الصحابة عن الكذب وشهد لهم في محكم كتابه بالصدق والعدالة ، فقال : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ، أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) [سورة الحديد : ١٩] قال : ولأبي محمّد هذا صحبة ، وهو رجل من الأنصار ، من بني النجار ، واسمه مسعود بن زيد بن سبيع مشهور عند العلماء : فقد يجري الكذب في كلامهم مجرى الخطأ ، ويوضع موضع الخلف ، كقول القائل : كذب سمعي ، كذب بصري ، وقال صلىاللهعليهوسلم للرجل الذي وصف له العسل : «صدق الله وكذب بطن أخيك» [١٣٥٣٩].
وقال الأخطل (١) :
كذبتك عينك أم رأيت بواسط |
|
غلس الظلام من الرباب خيالا |
وقال ذو الرمة (٢) :
وقد توجس ركزا مقفر ندس |
|
بنبأة الصوت ما في سمعه كذب |
ومن ذلك ما جاء في الحديث :
حدّثنا البراء ، وهو غير كذوب ، أي غير مظنون به الخطأ ، وغير مجرب عليه الغلط في الرواية ، يصفه بالحفظ والاتقان. قال أبو سليمان : ولا أعلم خلافا في أن الوتر ليس بفرض إلا أن بعض الفقهاء قد علق فيه القول ، وقد سبقه الإجماع بخلافه.
قال ابن عبد البر :
لم يذكره ابن إسحاق في البدريين ، وذكره غيره.
قيل توفي في خلافة عمر بن الخطاب. وقال الكلبي : شهد بدرا وشهد صفّين مع علي رضياللهعنه].
أخبرنا أبو محمّد بن الآبنوسي ، في كتابه.
__________________
(١) ديوانه ط بيروت ص ٢٤٥ ، من قصيدة يهجو جرير.
(٢) ديوانه ص ٢١ بيت رقم ٨٣.