عشرة سنة. فقال لي يوما من الأيام (١) وكأن عينيه سكرّجتان : ترى ما أرى؟ قلت : لا. قال : فتسمع ما أسمع؟ قلت : لا. قال : ادن مني. فدنوت منه ، فسمعت أعضاءه تخاطب بعضها بعضا ، يقول العضو لما يليه : ابرز منه. حتى برزت أعضاؤه كلها بين يديه صبّة واحدة (٢) تسبّح الله تعالى ، وتقدمن. فلو لا أنه قد مات ما حدثتكم (٣) به.
٨٧٢٠ ـ أبو علي القيسراني (٤)
أحد الصّلحاء.
كان مقيما بأكواخ بانياس (٥) ، قال ابن طبينة : ـ وكان من صالحي شيوخ نابلس ـ : اشتقت إلى أبي علي القيسراني ، وكان صديقا لي ، ولي مدة ما زرته ، وكان بالأكواخ فقلت : أزوره وأتبرّك به وأشتهي أن آخذ له معي شيئا أتحفه به فوقع في نفسي رطب فأخذت له سلا لطيفا وسرت إليه ، فلمّا وصلت إلى الأكواخ استدللت عليه فدللت فلما وصلت (٦) قرعت الباب فقال : فلان. فعجبت من ذلك ، وقلت : نعم. فقال : جئت لي معك الرّطب؟ فقلت : نعم. فقال : ادخل فلما دخلت عليه سلّمت عليه وقبّلت بين عينيه ، وقلت : يا سيدي أعلمني هذه القصة ، كيف هيه؟ فقال : إنه عرض في نفسي شهوة الرطب منذ سنون عدّة ، واستحييت من الله أن أسأل في ذلك أو ينطق به لساني فلما كان البارحة رأيت في منامي هاتفا يقول : غدا يجيئك الرّطب على يد فلان ولم لا تسألنا فيه؟ فانتبهت وصلّيت ركعتين ثم عدت إلى مضجعي ، فرأيت ذلك ثانيا فانتبهت وصليت صلاة الغداة ، فلمّا كان في وقتي هذا ؛ لم يقرع الباب أحد غيرك فقلت (٧) : فلان؟ قلت لي نعم ، فقلت : جئت لي معك بالرطب؟ فقلت لي : نعم ، ثم أمر أن ينكت على الأرض فأكلت معه منه ، وأقمت عنده ثلاثا. فودعته وانصرفت ، ولم أرجع أجتمع به.
٨٧٢١ ـ أبو علي الدمشقي
حكى عن محمّد بن محمّد بن عرفة.
__________________
(١) «من الأيام» ليس في مختصر ابن منظور.
(٢) صبة واحدة أي دفعة واحدة.
(٣) في مختصر أبي شامة : حدّثكم به.
(٤) القيسراني نسبة إلى بلدة على ساحل بحر الروم يقال لها قيسارية (الأنساب).
(٥) الأكواخ : ناحية من أعمال بانياس ثم من أعمال دمشق (معجم البلدان).
(٦) من قوله : إلى ... إلى هنا سقط من مختصر ابن منظور.
(٧) من هنا إلى قوله : «ثم أمر» ليس في مختصر ابن منظور.