يكنى أبا مريم من الأسد (١) ، قدم على معاوية فقال له معاوية : ما أقدمك؟ قال : حديث سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلمّا رأيت موقفك جئت أخبرك ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من ولّاه الله من أمر الناس شيئا فاحتجب عن حاجتهم وخلّتهم وفاقتهم احتجب الله يوم القيامة عن حاجته وخلّته وفاقته» [١٣٥٦٤].
قال : وأنا علي بن أحمد بن عبدان ، أنا أحمد بن عبيد الصفار ، ثنا هشام بن علي السيرافي ، نا عبد الله بن رجاء ، نا زائدة ، نا السائب بن حبيش الكلاعي ، عن أبي الشماخ الأزدي ، عن ابن عمّ له من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم أنه أتى معاوية فدخل عليه فقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من ولي من أمر الناس شيئا ، فأغلق بابه دون المسلمين أو المظلوم أو ذي الحاجة ، أغلق الله دونه أبواب رحمته عند حاجته وفقره أفقر ما يكون إليه» [١٣٥٦٥].
أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن كرتيلا ، أنا أبو بكر محمّد بن علي الخياط المقرئ ، أنا أحمد بن عبد الله السوسنجردي ، أنا أبو جعفر أحمد بن أبي طالب علي بن محمّد الكاتب ، أنا أبي ، أنا محمّد بن مروان السعيدي ، نا أحمد بن إبراهيم العسكري ، قال : قرئ على يزيد بن عبد الصّمد فأجازه لنا ، نا أبو النضر ، نا محمّد بن شعيب ، حدّثني أبو المعطّل مولى بني كلاب ، وكان قد أدرك معاوية بن أبي سفيان ، قال :
أقبل رجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقال له أبو مريم غازيا حتى بلغ الحفير (٢) قال : ولا أعلم إلّا أن أبا المعطّل قال : وقد استأذن أبو مريم على معاوية بدمشق حين مرّ بها ، فلم يجد أحدا يأذن له ، فلما بلغ الحفير ذكر حديثا سمعه من رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرجع حتى أتى باب معاوية ، فقال لبعض من عليه : أما منكم أحد رشيد يقول لأمير المؤمنين هاهنا أخوك أبو مريم؟ فقال معاوية : ويحكم وحبستموه ، ائذنوا له ، فلما دخل عليه قال : مرحبا ، هاهنا ، هاهنا يا أبا مريم ، قال : إنّي لم أجئك طالب حاجة ، ولكني (٣) سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من أغلق بابه دون ذوي الفقر والحاجة أغلق الله عن فقره وحاجته باب السماء» قال : فأكبّ معاوية يبكي ، ثم قال : ردّ حديثك يا أبا مريم ، فردّه ، ثم قال معاوية : ادعوا لي سعدا وكان حاجبه ، فدعي فقال : يا أبا مريم حدّثه أنت كما سمعت ، فحدّثه أبو مريم ، فقال معاوية
__________________
(١) الأسد بسكون السين.
(٢) الحفير ، موضع في أكثر من مكان ، راجع معجم البلدان.
(٣) غير واضحة بالأصل ، واستدركت على هامشه ، وبعدها صح.