حصارا شديدا ، وغلقت أبواب دمشق ، فلم يكن يخرج أحد إلّا اختطف ، ومات المعتصم وهم على ذلك.
فقال أبو الحسين الرازي : ذكر أبو عبد الله محمّد بن عبدوس الجهشياري البغدادي أن جعفر بن أحمد بن عمر حدّثه ، نا أبو العباس بن الفرات ، نا محمّد بن علي بن يونس قال :
لما سلمت عمل دمشق إلى أبي المغيث الرّافقي سألني أن أكتب له عليها ففعلت ذلك ، فلمّا توانسنا ........ (١) الكتاب كلمات قصدها ، قصدت عيسى بن منصور ابن عمي ، وهو يتقلد حمص ، فقلّدني ربع فامية (٢) فأقمت معه إلى أن قدم عليه ابن عمّ له أقرب إليه مني ، فقلّده بعض نواحي عمله ، فلم يرض به وقال : أريد أن تقلدني فامية فصرفني إلى عمل أقنع به ، وتسلّط عليه بالقرابة ثم انصرفت عنه إلى الرافقة (٣) ، ومعي شيء يسير مما كنت فدته وكان لابن عمّ لي جارية نفيسة قد ... (٤) وعلمتها الغناء ، فكنت أدعو بها فألقنها ، فوقعت من قلبي موقعا لطيفا ومولب ـ (٥) على بيع منزلي وأبتاعها فبلغ الحديث مولاتها فحلفت أن لا تنقصها من ثلاثة آلاف دينار .... (٦) منها وكرهت أن ألح عليها فتحملت إلى سامرة ، وكان محمّد بن إسحاق بن إبراهيم الطاهري وأبوه يرحبان لي ويأنسان بي ، فقصدت سامرّاء معي دوابّ وبقية من حالي فلم أزل مقيما لا يسنح لي شيء إلى أن أفضيت إلى بيع أكثر دوابّي وحلاي ، فخطر ببالي قصد إسحاق بن إبراهيم الطاهري في زورق ، فقصدته ، فلمّا دخلت بغداد فكرت فلم أر بها أحدا أنزل عليه ممن أثق به غير محمّد بن الفضل الجرجرائي فقصدته ونزلت عليه فوقع ذلك منه أحسن موقع ، وسرّني غاية السرور وسألني حالي ، فشرحتها له وذكرت قصتي مع الجارية ، فقال : لا والله لا تبرح من مجلسك هذا حتى تقبض ثمنها ، وترسل إلى الجارية من يبتاعها لك ، ثم أمر خادمه فأحضر كيسا فيه ثلاثة آلاف دينار فسلّمه إليّ وحلف علي أن أقبله وقال : إذا اتسعت لقضائه قبلته منك ، فأخذت الكيس فلمّا كان في السحر ، وافاني غلام لي فأخبرني أنّ رسول إسحاق بن إبراهيم يطلبني قال : فلبست ثيابي
__________________
(١) بياض بالأصل.
(٢) فامية مدينة كبيرة وكورة من سواحل حمص ، وقد يقال لها : أفامية (معجم البلدان).
(٣) الرافقة : بلد متصل بالرقة بينهما مقدار ثلاثمائة ذراع ، (معجم البلدان).
(٤) لفظة بدون إعجام بالأصل.
(٥) كذا رسمها بالأصل.
(٦) غير مقروءة بالأصل.