قمنا بزيارة تلك الأماكن دون أن نقابل الكفار (١). أو البهائم المتوحشة ، ولم نواجه أي نوع من الشر ، ولم نصب بأبسط الأمراض ومثل النسر الذي يطير عاليا ، شعرت بنفسي محفوظة برحمة من الله (٢) وقويا بقوة من العالي المتعال.
وإذا كان لي أن امتدح أي شيء فهي مساعدة السيد المسيح ، وضعفي ، كما يقول الحواري : " إن قوتي تكمن في ضعفي (٣) ". كيف أستطيع أن أعبّر عن امتناني يا إلهي ، لما قد فعلته لي ، إنني البائس الآثم ، وذلك بالسماح لي بزيارة ورؤية تلك الأماكن المقدسة.
وهكذا وبعون الله استطعت تنفيذ رغبة في قلبي ، وان أتحرى عن كل ما تعطف به ليريه لعبده الفقير غير الجدير. اغفروا لي ، يا إخواني ، ويا آبائي ، ويا أسيادي! لا تحتقروا الجهل الذي قادني لوصف الأماكن المقدسة ، بيت المقدس وأرض الميعاد ، بكلمات بسيطة ، دون مهارة أدبية. وإذا كنت كتبت دون ثقافة ، أو دراية فعلى الأقل ليس هناك كذب ، وإنني لم أصف شيئا لم أره بأم عيني.
__________________
ـ بهذا الاسم نسبة إلى شخص يدعى فلسطين بن سام بن إرم بن سام بن نوح أو فليشين بن كسلوخيم من بني يافت بن نوح. انظر : معجم البلدان ، ج ٤ ، دار صادر ودار بيروت ، بيروت ١٩٨٤ م ، ص ٢٧٤ ـ ٢٧٥. ويقول ابن الفقيه سميت فلسطين بفيلسين بن كسلوخيم بن صدقيا بن كنعان بن حام بن نوح. انظر : مختصر كتاب البلدان ، مطبعة بريل ، ليدن ١٣٠٢ ، ص ١٠٣ ، وهناك من يشير إلى أن كلمة فلسطين تتألف من مقطعين فلس وطين. فلس بمعنى حفر أو شكل أو قلب الطين ، وربما يدل ذلك على اشتغال الفلسطينيين بحرفة الزراعة. وقد ورد في كتاب العهد القديم ما يؤكد ذلك ، «ثم أضرم المشاعل نارا وأطلقها بين زروع الفلسطينيين». انظر : سفر القضاة ٥ : ١٥. وهناك من يشير إلى أن كلمة فلسطين تعني الرجل الفظ الغليظ الذي لا يحب الموسيقى ويتعامل مع الآخرين بصلافة. انظر : يعقوب الفيتري : تاريخ بيت المقدس ، ترجمة سعيد البيشاوي ، ط ١ ، " دار الشروق" ، عمان ١٩٩٨ م ، ص ٢٥. ويذكر البعض أن تسمية فلسطين يعود إلى اسم امرأة. وقد وردت تسمية فلسطين في النقوش الآشورية العائدة إلى حدود نيراري الثالث (٨١٨ ـ ٧٨٥ ق. م) ، وقرأها أهل الاختصاص" فلستو / فلستو" وقد ورد اسم الفلسطينيين في الوثائق العائدة لرمسيس الثالث باسم شعوب البحر. انظر : زياد منى : مقدمة في تاريخ فلسطين القديم ، ط ١ ، بيسان ٢٠٠٠ ، ص ـ ٤٦ ٤٥. (الترجمة العربية)
(١) يصر الرحالة دانيال الروسي على تسمية المسلمين بالكفار ، ويردد هذه الكلمة وغيرها أكثر من مرة. ولعله متأثر بذلك بالفرنجة الصليبيين الذين هاجموا ديار الإسلام وقتلوا وشردوا الكثير من المسلمين ، كما أنهم اعتدوا على المقدسات الإسلامية ، ووصفوا المسلمين بأوصاف غير لائقة. وعلى الرغم من أهمية كتب الرحلات بالنسبة للمؤرخ ، إلا أنه يجب الحذر عند الرجوع إلى ما كتبه الرحالة الغربيون خلال فترة الحروب الفرنجية الصليبية وإن كان البعض منهم قد لجأ إلى الموضوعية في كتاباته. (الترجمة العربية)
(٢) وردت في بعض المخطوطات أنه يتحرك إلى الأمام بجرأة مثل المهرStag ، وبدون تعب أو تلكؤ. انظر المخطوطات التي تحمل الرموز التاليةMac.,Mo.,F ..
(٣) رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثيوس ١٢ : ٩.