وجاءنا زبد بعسل فجعله يلعقه العوام منّا ولا يأكل منه شيئا ، ونأكل نحن منه ، قال : فقلت له : تطعمنا الشهوات؟ وتنهانا عنها ، قال : إنّي أعرف أنكم تشتهونها ، فأنا أحب أن أطعمكم شهوتكم ، ولو جاءني من يعرف ـ يعني أهل الزهد ـ لم أزدهم عن الملح والخبز. قلت له : تطعمنا الزبد بالعسل ولا تأكله؟ قال : إنّي أخافه ، إن الزبد بالعسل إسراف ثم رأيته بعد ذلك في بيت ابن سباع وقد جاءه بسكرجة فيها زبد وعسل ورغيف درمك (١) فأكل منه. فقلت له : يا أستاذ ، لم لا تأكله في بيتك وتأكله هاهنا! قال : من أكل ليسرّ به أخاه لم يضرّه أكله ، إنّ عامل الله لا يخيب على كل حال ، إنما يضرّه أكله لشهوة نفسه (٢).
قال : وسمعت أبا سليمان يقول :
لو أن الدنيا كلها في لقمة ثم جاءني أخي لأحببت أن أضعها في فيه.
[قال أبو نعيم الحافظ](٣) :
[حدثنا عبد الله بن محمد ثنا إسحاق بن أبي حسان](٤) ، ثنا أحمد بن أبي الحواري قال :
قلت لأبي سليمان : إن عبادا وأحمد (٥) بن سباع قد ذهبوا إلى الثغر!! فقال لي : إن الأبّاق عبيد السوء ، والله والله ما فروا إلّا منه فكيف يطلبونه في الثغور؟ (٦).
[٩٦٢٩] أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد
ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، أبو إبراهيم الزّهري
سمع بدمشق وبمصر وبالعراق. وروى عنه جماعة. وكان يعدّ من الأبدال وسكن بغداد وخرج إلى الثغر.
__________________
(١) الدرمك : دقيق الحواري (القاموس).
(٢) انظر حلية الأولياء ٩ / ٢٦٥.
(٣) زيادة للإيضاح.
(٤) ما بين معكوفتين زيادة عن حلية الأولياء.
(٥) في حلية الأولياء : عبادا أو أحمد.
(٦) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء ٩ / ٢٦٧ في أخبار أبي سليمان الداراني.
[٩٦٢٩] ترجمته في بغية الطلب ٢ / ٧٥١ وتاريخ بغداد ٤ / ١٨١ والأسامي والكنى للحاكم ١ / ٢٦٠ رقم ١٤٨ وسير أعلام النبلاء ١٠ / ٥٠٣ (٢٢٧٥) (ط دار الفكر) وطبقات الحنابلة ١ / ٤٦ والمنتظم لابن الجوزي ١٢ / ٢٥٥ حوادث سنة ٢٧٣.