فلمّا بلغت النجم عزا ورفعة |
|
وصارت (١) رقاب الخلق أجمع لي رقّا |
رماني الرّدى سهما فأخمد جمرتي |
|
فها أنا ذا في حفرتي عاجلا ألقى (٢) |
ولم (٣) يغن عنّي ما جمعت ولم أجد |
|
لذي ملك الأحياء في حينها رفقا (٤) |
فأفسدت دنياي وديني (٥) سفاهة |
|
فمن ذا الذي مني (٦) بمصرعه أشقى |
فيا ليت شعري بعد موتي ما ألقى |
|
إلى نعمة لله أم ناره ألقى (٧) |
[قال ابن كثير] :
[وروى الحافظ ابن عساكر عن أبي الحسين النوري أنه اجتاز بزورق فيه خمر مع ملاح ، فقال : ما هذا ولمن هذا؟ فقال له : هذه خمر للمعتضد ، فصعد أبو الحسين إليها فجعل يضرب الدنان بعمود في يده حتى كسرها كلها سوى واحد تركه ، واستغاث الملاح ، فجاءت الشرطة فأخذوا أبا الحسين ، فأوقفوه بين يدي المعتضد ، فقال له : من أنت؟ فقال أنا المحتسب. فقال : ومن ولاك الحسبة؟ فقال : الذي ولّاك الخلافة يا أمير المؤمنين ، فأطرق رأسه ثم رفعها ، فقال : ما الذي حملك على ما فعلت؟ فقال : شفقة عليك لدفع الضرر عنك ، فأطرق رأسه ثم رفعه فقال : ولأي شيء تركت منها دنا واحدا لم تكسره؟ فقال : لأني إنما أقدمت عليها فكسرتها إجلالا لله تعالى ، فلم أبال أحدا حتى انتهيت إلى هذا الدن دخل في نفسي إعجاب من قبيل أني قد أقدمت على مثلك فتركته.
فقال له المعتضد : اذهب فقد أطلقت يدك ، فغيّر ما أحببت أن تغيره من المنكر.
فقال له النوري : الآن انتقض عزمي عن التغيير ، فقال : ولم؟ فقال : لأني كنت أغير عن الله ، وأنا الآن أغير عن شرطي. فقال : سل حاجتك ، فقال : أحب أن تخرجني من بين يديك
__________________
(١) في المصادر السابقة : ودانت.
(٢) في المصادر : ملقى.
(٣) ليس البيت في المصادر السابقة.
(٤) عجزه في البداية والنهاية :
لدى ملك إلّا حباني حبها رفقا
(٥) في تاريخ الإسلام : ديني ودنياي.
(٦) في البداية والنهاية : مثلي.
(٧) عجزه في البداية والنهاية :
«إلى نعمة الله أم في ناره ألقى»
وفي سير الأعلام : «رحمة» بدل «نعمة».