وتلقى الحاج في المحرم من سنة أربع وتسعين فقتلهم قتلا ذريعا لم يسمع قبل بمثله واستباح القوافل وأخذ شمسة (١) البيت الحرام ، وقبل ذلك دخل الكوفة يوم الأضحى بغتة وأخرج منها ثم لقيه جيش السلطان بظاهر الكوفة بعد دخوله إليها وخروجه عنها فهزمهم ، وأخذ ما كان معهم من السلاح والعدة فقوي بها ، وعظم أمره في النفوس [وهال السلطان](٢) وأجلبت معه كلب وأسد وكان يدعى السيد.
ثم سيّر إليه السلطان جيشا عظيما فلقوه بذي قار بين البصرة والكوفة في الفراض (٣) ، فهزم وأسر جريحا ثم مات. وكان أخذه أسيرا يوم الأحد لثمان بقين من ربيع الأول سنة أربع وتسعين بعد أن أسر فقدم به إلى بغداد مشهورا في ربيع الأول وشهرت الشمسة بين يديه ليعلم الناس أنها قد استرجعت وطيف به ببغداد ، وقيل إنه خرج يطلب بثأر ابنه المقتول على الدّكّة.
ومن شعره في الفخر (٤) :
سبقت يدي يده بضر |
|
بة (٥) هاشميّ المحتد |
وأنا ابن أحمد لم أقل |
|
كذبا ولم أتزيّد (٦) |
من خوف بأسي قال بد |
|
ر ليتني لم أولد |
يعني بدر الحمامي الطولوني أمير دمشق.
__________________
(١) الشمسة : شبيه بمظلة كانت توضع فوق الحجر الأسود ، وفي الصحاح : الشمس : ضرب من القلائد.
(٢) زيادة عن بغية الطلب وأخبار القرامطة.
(٣) تحرفت في مختصر ابن منظور إلى العراض ، والمثبت عن بغية الطلب وأخبار القرامطة. قال ياقوت في معجم البلدان : والفراض موضع بين البصرة واليمامة قرب فليج.
(٤) الأبيات في بغية الطلب ٢ / ٩٤٥ وأخبار القرامطة ص ٩٠ نقلا عن أبي القاسم ابن عساكر.
(٥) في بغية الطلب : لضربة.
(٦) عقب ابن العديم في بغية الطلب ٢ / ٩٤٦ على قول ابن عساكر في صدر ترجمته : ويقال إن اسمه عبد الله بن أحمد ، قال ابن العديم : ولا أعلم أحدا قال في صاحب الخال عبد الله بن أحمد غيره ، والمعروف بهذا الاسم ابن عمه المعروف بالمدثر ، وكان سار إلى الشام فلقيه شبل الديلمي مولى المعتضد بالرصافة في سنة أربع وثمانين ومائتين ، فقتله القرامطة ، وقتلوا أصحابه ، ودخلوا الرصافة فأحرقوها ، وجاءوا مسجدها ونهبوها ، وساروا نحو الشام.
فالظاهر أنه اشتبه عليه بصاحب الخال ، وأكد عنده ذلك هذه الأبيات الثلاثة التي عزاها إليه وقوله فيها :
وأنا ابن أحمد لم أقل |
|
كذبا ولم أتزيد |
على أن هذه الأبيات ليس مراد صاحب الخال منها أن أحمد أبوه بل أراد بقوله : «وأنا ابن أحمد» أنه من نسل أحمد النبي صلىاللهعليهوسلم.