لأنها ظرف غير متمكن فلم يجز أن ينقل إليها الإعراب مما بعدها فترفع وتخفض ؛ لأن ذلك يؤدي إلى تمكنها وهي غير متمكنة فلذلك لزمت وجها واحدا وحكم المقصورة كحكم الممدودة وإن لم يظهر فيها الإعراب.
واعلم أن الجرمي ترجم باب الاستثناء بالحروف على طريق المسامحة إذ كان أصل الباب (إلا) فلذلك غلب حكم الترجمة للحروف.
فإن قال قائل : لأي شيء كان أصل الاستثناء بإلا؟
قيل له : لأنه لا يخرج عن معناه ولا يفيد غيره وأما سواها مما يستثنى به فتخرج عن الاستثناء لمعان تدخله ، فصار في الحكم زائدا على حكم (إلا) ، فوجب أن يكون فرعا في الباب إذ زاد حكمه على ما يقتضيه حكم الباب ، وكانت إلا مختصة بما يقتضيه الباب فلذلك وجب أن تكون أصلا في الباب ، وإنما استثني بجميع ما ذكرنا على طريق التشبيه ب (إلا) ، فأما (غير) فإنما دخلت في الاستثناء لأنها توجب إخراج (١) المضاف / إليها من الحكم المتقدم قبلها كقولك : مررت برجل غيرك ، فمعناه أي اقتطعت بمروري آخر من الناس كلهم والاستثناء إنما هو اقتطاع شيء من شيء ، فلما ضارعت غير معنى الاستثناء أدخلت فيه.
حكم (سوى) و (سوى) كحكم (غير) لتقارب ما بينهما من المعنى.
فأما (حاشا) فمعناها تنزيه المذكور بعدها عما حصل لغيره فصارت منقطعة له من غيره فلذلك دخلت في الاستثناء.
فأما (خلا) و (عدا) فمعناهما المجاوزة ، والمجاوزة للشيء فيها معنى الانقطاع لمن جاوزته دون غيره ، فلذلك أدخلها في الاستثناء.
فأما (ليس) و (لا يكون) فاستعملتا أيضا في الاستثناء ، لأن النفي يوجب
__________________
(١) في الأصل كلمة لم أتبينها ، ولعلها كلمة (الاسم).