ويبقى حكم (إن) على العمل كقولك : لم يكن زيد منطلقا ، ومن أبطل عملها (١) فإنه شبهها بالفعل من جهة اللفظ دون المعنى ، فلما زال لفظها سقط شبهها بالفعل فوجب أن يبطل عملها ، وحكم المفتوحة المشددة في التخفيف والتثقيل وجواز العمل إلا في خصلة واحدة وهي (٢) أن (إن) المكسورة إذا خففت ارتفع ما بعدها بالابتداء والخبر ، و (أنّ) المفتوحة المشددة إذا خففت أضمر فيها اسمها كقولك : قد علمت أن زيد قائم ، تقديره : أنه زيد قائم ، فالهاء المضمرة اسم (أن) ، وإنما وجب ذلك في (أن) المفتوحة ولم يجب ذلك في المكسورة ؛ لأن المفتوحة قد قلنا : إنها وما بعدها اسم فلا تخلو من عامل يعمل فيها فلم يجز إلغاء حكمها ، فلذلك وجب أن يضمر اسمها لثبات حكمها في الكلام ، وأما المكسورة فهي تقع في صدر الكلام فإذا ارتفع ما بعدها لم يكن بنا ضرورة إلى تقدير اسم فيها ؛ لأنه يمكن أن تقدرها حرفا غير عامل من الحروف غير العوامل نحو (هل) و (بل) وما أشبهه.
واعلم أن أفعال القلوب تنقسم ثلاثة أقسام أحدها : يقين ، نحو : عرفت وعلمت ، والثاني : شك ورجاء نحو : رجوت وخفت ، والثالث (٣) متوسط بين اليقين والشك وهو الظن والحسبان.
وأما علمت ونحوها فلا يجوز أن تقع بعدها (إن) المخففة من الثقلية ويجوز أن تقع بعدها (أن) المفتوحة الخفيفة من الثقيلة مشددة وغير مشددة نحو : قد علمت أنك تقوم فإذا خففتها وبعدها الفعل أضمرت الاسم على ما ذكرنا وعوضت من التخفيف إذا كان بعدها الفعل أحد أربعة أشياء : أحدها السين ،
__________________
(١) قال ابن هشام في حديثه عن أوجه (إن) :
" الثالث : أن تكون مخففة من الثقيلة ، فتدخل على الجملتين ، فإن دخلت على الاسمية جاز إعمالها خلافا للكوفيين ...". المغني ١ / ٢٠ (ط ٢ دار الفكر).
(٢) في الأصل : وهو.
(٣) في الأصل : والثاني.