واعلم أنك إذا سميت رجلا بفعل لا نظير له في الأسماء لم ينصرف نحو : دحرج ، وضرب ، إذا لم تسم فاعله ، فإذا سميته بفعل على لفظ ما سمي فاعله وله نظير في الأسماء انصرف ، وإنما وجب ذلك لأن أصل الأسماء الصرف ، وإنما تثقل الأسماء إذا كانت (١) على وزن يختص بالفعل فتثقل لثقل الفعل ، فإذا كان المثل (٢) مشتركا للاسم والفعل كان حمل الاسم على أصله أولى من نقله عنه إذ لم يغلب عليه ما يوجب الثقل ، وقد حكي عن عيسى بن عمر (٣) أنه لا يصرف رجلا سمي بضرب (٤) ويحتج بقول الشاعر (٥) :
أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا |
|
متى أضع العمامة تعرفوني |
فحكى أن الشاعر لم ينون [جلا](٦) وهو على وزن ضرب فدل على أن ضرب لا ينصرف وفي هذا البيت وجهان غير ما ذهب إليه عيسى بن عمر :
أحدهما : أن يكون أراد الشاعر الحكاية لأنك إذا سميت رجلا بضرب جاز أن تحكي حال التثنية والجمع ، وإنما جاز ذلك لأنه قد كان قبل التثنية له حال
__________________
(١) في الأصل : كان.
(٢) أي الوزن.
(٣) هو : مولى خالد بن الوليد المخزومي ، وقيل كان من ثقيف ، كان من قراء أهل البصرة ونحاتها ، أخذ عن ابن إسحاق ، وكان في طبقة أبي عمرو بن العلاء ، توفي سنة ١٤٩ ه. انظر : طبقات النحويين للزبيدي ٣٥ ، والإنباه ٢ / ٣٧٤.
(٤) جاء في الكتاب في باب ما ينصرف من الأفعال إذا سميت به رجلا : " زعم يونس أنك إذا سميت رجلا بضارب من قولك ضارب وأنت تأمر فهو مصروف وكذلك إن سميته ضارب وكذلك ضرب وهو قول الخليل وأبي عمرو ... وأما عيسى فكان لا يصرف ذلك وهو خلاف قول العرب ..." ٢ / ٧ (بولاق) ـ ٣ / ٢٠٦ (هارون).
(٥) البيت من الوافر وقد نسب إلى سحيم بن وثيل الرياحي أو اليربوعي في الكتاب ٣ / ٢٠٧ وفي شرح المفصل ، وفي شرح الشواهد للسيوطي ، وفي الكامل ١ / ٢٩١ ـ ٢ / ٤٩٤ ، وفي شرح أبيات سيبويه للنحاس ٣١٠ ، وشرح المفصل استشهد به في مواضع عدة ولأغراض عدة من المواضع ١ / ٦١ ، و ٣ / ٦٢ ، وفي ارتشاف الضرب ١ / ٤٥٨ ، وفي أوضح المسالك ٣ / ١٤٩ ، وفي المغني ٢١٢ ، وفي شرح شواهد المغني للسيوطي ١ / ٤٥٩ ، وفي الهمع ١ / ٩٨ ، وأخيرا في الخزانة ١ / ٢٥٥.
(٦) زيادة ليست في الأصل يقتضيها السياق.