من النهى عن الترافع الى الجبت والطاغوت ، الا أن الظاهر ـ كما ذهب إليه جملة من أصحابنا ـ هو اختصاص تحريم الترافع إليهم بوجود الحاكم الشرعي ، كما هو ظاهر جملة من اخبار المسألة ، وبعضها وان كان مطلقا فإنه يجب حمله على المقيد ، عملا بالقاعدة ، وأيضا فظاهر الاخبار المشار إليها هو المنع من الترافع في إثبات الحق بالبينة أو اليمين ، دون مجرد الاستعانة بهم على أخذه مع ثبوته ، وعدم إنكار الخصم ذلك ، كما هو محل البحث.
ومتى انتقل الأمر إلى المقاصة أو الأخذ منه قهرا فيجب مراعاة الأسهل فالأسهل ، فإن وجد الجنس المساوي لا يتعدى الى غيره ، وينبغي ـ سيما إذا كان مؤمنا ـ المسامحة والسهولة في الاقتضاء لما ورد في ذلك وعدم المقاصة التامة ، وقد تقدم حديث الصادق (عليهالسلام) (١). في إنكاره على من استقضى حقه ، وأنه إسائة منهي عنها ، وهكذا الحكم في طرف البائع إذا باع سلما ، وكذا سائر الحقوق.
المسألة الرابعة : يجوز بيع المتاع حالا ومؤجلا بزيادة عن قيمته ، وقيد ذلك بعضهم بكون المشترى والبائع عالمين بالقيمة ، وأورد على ذلك أن مقتضاه أنهما لو لم يكونا عالمين بالقيمة لا يصح البيع مع أنه ليس كذلك ، فإنه يصح البيع ، وان ثبت للجاهل منهما خيار الغبن متى كان مما لا يتسامح به ، كما تقدم في خيار الغبن (٢) ويمكن حمل كلام من ذكر هذا القيد على أنه أراد بالجواز اللزوم مجازا ، إذ مع الجهل وثبوت الغبن لا يلزم.
ثم انه ينبغي أن يعلم أنه لا بد من تقييد الصحة مع الزيادة بعدم استلزام السفه بأن يتعلق بالزيادة غرض صحيح عند العقلاء ، اما لقلتها أو لترتب غرض آخر يقابل الزيادة ، كالصبر عليه بدين حال ونحو ذلك.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب الدين الرقم ـ ١.
(٢) ص ٤١.