قال بعض مشايخنا (عطر الله مراقدهم) في حواشيه على الكافي : والظاهر أنه باعهم للمشتري بأجل فلما طلب البائع الأول منه الثمن حط من الثمن بقدر ما ربح ليعطوه قبل الأجل ، وهذا جائز كما صرح به الأصحاب ، وورد به غيره من الاخبار انتهى. وهو جيد. والا فلو كان الثمن نقدا فإنه لا معنى لهذه المصالحة بإسقاط بعض حقه ليكفوه غريمه.
ثم انه لا يخفى عليك ما في دلالة هذه الاخبار من سعة الدائرة في العقود الشرعية ، فإن ما اشتملت عليه هذه الاخبار من التراضي بالألفاظ الدالة على إسقاط بعض الثمن بتعجيله قبل حلول الأجل هي ألفاظ عقد الصلح.
المسألة السادسة ـ قال الشيخ في النهاية : لا بأس بابتياع جميع الأشياء حالا وان لم يكن حاضرا في الحال ، إذا كان الشيء موجودا في الوقت أو يمكن وجوده ، ولا يجوز أن يشترى حالا ما لا يمكن تحصيله ، فأما ما يمكن تحصيله فلا بأس به وان لم يكن عند بائعه في الحال» انتهى.
ومنع ابن إدريس من ذلك ، ونسب هذا القول الى خبر واحد شاذ رواه الشيخ عن ابن سنان لا يجوز العمل به ، ولا التعويل عليه ، قال : لأنا قد بينا أن البيع على ضربين بيع سلم ، ولا بد فيه من التأجيل ، وبيع عين أما مرئية مشاهدة ، أو غير حاضرة ، وهو ما يسمى بخيار الرؤية وما أورده الشيخ خارج عن هذه البيوع لا مشاهدة ولا موصوف بوصف يقوم مقام المشاهدة ، فدخل في بيع الغرر ، والنبي (صلىاللهعليهوآله) «نهى عن بيع الغرر» (١). و «بيع ما ليس عند الإنسان» (٢). ولا في ملكه الا ما أخرجه الدليل من السلم ، ولان البيع حكم شرعي يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي ، ولا يرجع عن الأمور
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب آداب التجارة الرقم ـ ٣.
(٢) الوسائل الباب ٧ ـ من أبواب أحكام العقود الرقم ـ ٢.