هاشم وبنو المطلب ، دون غيرهم من بني عبد مناف. ومال إليه من المالكية ابن العربي ، ومتمسّك هؤلاء ما رواه البخاري ، وأبو داود ، والنسائي ، عن جبير بن مطعم : أنّه قال : أتيت أنا وعثمان بن عفّان رسول الله نكلّمه فيما قسم من الخمس بين بني هاشم وبني المطلب فقلت يا رسول الله : قسمت لإخواننا بني المطلب ولم تعطنا شيئا ، وقرابتنا وقرابتهم واحدة فقال : «إنّما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد». وهو حديث صحيح لا نزاع فيه ، ولا في أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أعطى بني هاشم وبني المطلب دون غيرهم. ولكن فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيه يحتمل العموم في الأموال المعطاة ويحتمل الخصوص لأمور : أحدها : أنّ للنبيصلىاللهعليهوسلم في حياته سهما من الخمس فيحتمل أنّه أعطى بني المطلب عطاء من سهمه الخاصّ ، جزاء لهم على وفائهم له في الجاهلية ، وانتصارهم له ، وتلك منقبة شريفة أيّدوا بها دعوة الدين وهم مشركون ، فلم يضعها الله لهم ، وأمر رسوله بمواساتهم ، وذلك لا يكسبهم حقّا مستمرا.
ثانيها : أنّ الحقوق الشرعية تستند للأوصاف المنضبطة ، فالقربى هي النسب ، ونسب رسول الله صلىاللهعليهوسلم لهاشم ، وأمّا بنو المطلب فهم وبنو عبد شمس وبنو نوفل في رتبة واحدة من قرابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأنّ آباءهم هم أبناء عبد مناف ، وإخوة لهاشم ، فالذين نصروا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وظاهروه في الجاهلية كانت لهم المزية ، وهم الذين أعطى رسول الله أعيانهم ولم يثبت أنّه أعطى من نشأ بعدهم من أبنائهم الذين لم يحضروا ذلك النصر ، فمن نشأ بعدهم في الإسلام يساوون أبناء نوفل وأبناء عبد شمس ، فلا يكون في عطائه ذلك دليل على تأويل ذي القربى في الآية ببني هاشم وبني المطلب.
أمّا قول أبي حنيفة فقال الجصاص في «أحكام القرآن» قال أبو حنيفة في «الجامع الصغير» : يقسم الخمس على ثلاثة أسهم (أي ولم يتعرّض لسهم ذوي القربى) وروى بشر بن الوليد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة قال : خمس الله والرسول واحد ، وخمس لذي القربى فلكلّ صنف سمّاه الله تعالى في هذه الآية خمس الخمس قال : وإنّ الخلفاء الأربعة متّفقون على أنّ ذا القربى لا يستحقّ إلّا بالفقر. قال : وقد اختلف في ذوي القربى من هم؟ فقال أصحابنا : قرابة النبي صلىاللهعليهوسلم الذين حرّم عليهم الصدقة وهم (آل علي والعباس وآل جعفر وآل عقيل وولد الحارث بن عبد المطلب) وقال آخرون : بنو المطلب داخلون فيهم.
وقال أصبغ من المالكية : ذوو القربى هم عشيرة رسول الله صلىاللهعليهوسلم الأقربون الذين أمره الله بإنذارهم في قوله : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشعراء : ٢١٤] وهم آل قصي. وعنه أنّهم