آل غالب بن فهر ، أي قريش ، ونسب هذا إلى بعض السلف وأخرج أبو حنيفة من القربى بني أبي لهب قال : لأنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا قرابة بيني وبين أبي لهب فإنّه آثر علينا الأفجرين» رواه الحنفية في كتاب الزكاة ، ولا يعرف لهذا الحديث سند ، وبعد فلا دلالة فيه ، لأنّ ذلك خاصّ بأبي لهب فلا يشمل أبناءه في الإسلام. ذكر ابن حجر في الإصابة أنّ محمد بن إسحاق ، وغيره. روى عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : قدمت درة بنت أبي لهب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت : إنّ الناس يصيحون بي ويقولون : إنّي بنت حطب النار ، فقام رسول الله ؛ وهو مغضب شديد الغضب ، فقال : «ما بال أقوام يؤذونني في نسبي وذوي رحمي ألا ومن آذى نسبي وذوي رحمي فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله». فوصف درّة بأنّها من نسبه. والجمهور على أنّ ذوي القربى يستحقّون دون اشتراط الفقر ، لأنّ ظاهر الآية أنّ وصف قربى النبي صلىاللهعليهوسلم هو سبب ثبوت الحقّ لهم في خمس المغنم دون تقييد بوصف فقرهم ، وهذا قول جمهور العلماء.
وقال أبو حنيفة : لا يعطون إلّا بوصف الفقر وروي عن عمر بن عبد العزيز. ففائدة تعيين خمس الخمس لهم أنّ لا يحاصهم فيه من عداهم من الفقراء ، هذا هو المشهور عن أبي حنيفة ، وبعض الحنفية يحكي عن أبي يوسف موافقة الجمهور في عدم اشتراط الفقر فيهم.
وقد جعل الله الخمس لخمسة مصارف ولم يعيّن مقدار ما لكلّ مصرف منه ، ولا شكّ أنّ الله أراد ذلك ؛ ليكون صرفه لمصارفه هذه موكولا إلى اجتهاد رسوله صلىاللهعليهوسلم وخلفائه من بعده ، فيقسم بحسب الحاجات والمصالح ، فيأخذ كلّ مصرف منه ما يفي بحاجته على وجه لا ضرّ معه على أهل المصرف الآخر ، وهذا قول مالك في قسمة الخمس ، وهو أصح الأقوال ، إذ ليس في الآية تعرّض لمقدار القسمة ، ولم يرد في السنة ما يصحّ التمسك به لذلك ، فوجب أن يناط بالحاجة ، وبتقديم الأحوج والأهمّ عند التضايق ، والأمر فيه موكول إلى اجتهاد الإمام ، وقد قال عمر : «فكان رسول الله ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله».
وقال الشافعي : يقسم لكلّ مصرف الخمس من الخمس ، لأنها خمسة مصارف ، فجعلها متساوية ، لأنّ التساوي هو الأصل في الشركة المجملة ولم يلتفت إلى دليل المصلحة المقتضية للترجيح وإذ قد جعل ما لله ولرسوله خمسا واحدا تبعا للجمهور فقد جعله بعد رسول الله لمصالح المسلمين.